أي لا يصح أن يكون الشيء الواحد مأمورا به منهيا عنه من جهة واحدة، فلا يصح أن يقال صل الظهر، لا تصل الظهر، لما فيه من التناقض، ولما يترتب عليه من عبث الآمر، لكن إذا كان للشيء الواحد جهتان صح أن يتعلق به الأمر، والنهي تعلق كل واحد منهما بجهة، فيرتفع المحذور من التناقض والعبث، لاختلاف الجهتين، وهذا معنى قوله: لكن إذا ما اختلف المحل إلخ، أي لكن يصح تعلق الأمر والنهي إذا اختلفا محلهما باختلاف جهتي التعلق، وذلك نحو: الصلاة في الأرض المغصوبة، فإنها مأمور بها، من حيث أنها صلاة منهي عنها، من حيث أنها في الأرض المغصوبة، وإذا ورد عن الشارع ما هو كذلك، فهل يكون فاعله ممتثلا بفعل ما أمر به؟ ويسقط عنه القضاء بذلك؟ وإن كان عاصيا في ارتكاب ما نهي عنه، في أدلتها قال الجمهور من الأشعرية، والنظام من المعتزلة، وبعض أصحابنا: أنه يكون بفعل ذلك ممتثلا وهو مثاب على امتثاله ما أمر به، ومعاقب على استعماله ملك الغير، وقال أحمد، وأكثر المتكلمين، والزيدية والظاهرية وبعض أصحابنا، لا يكون بذلك الفعل ممتثلا، وأن عليه إعادة ما أمر به، وقال الباقلاني: أنه ل يكون بذلك ممتثلا، ويسقط به التكليف، أي إذا فعل ما أمر به من جهة، ونهي عنه من جهة، فلا يكون بذلك الأمر ممتثلا، حيث صحبته المعصية، لكن يسقط به التكليف عنه، فلا يلزمه قضاء، واحتج على أنه غير ممتثل بما سيأتي من الحجج، لقول أحمد ومن معه، واحتج على سقوط التكليف عنه بذلك بإجماع المسلمين، على ترك أمرهم الظلمة، بإعادة الصلاة التي صلوها في الأمكنة المغصوبة، حال مطالبتهم برد المظالم، قلنا: إجماع المسلمين على ترك مطالبتهم بالإعادة لما صلوه في الدور المغصوبة، لكون الصلاة أمرا خاصا بالمصلي في نفسه، وهو المخاطب بها، وعليه أن يسأل عن صحتها وفسادها، على أن المسلمين لا يلزمهم تغيير ما لم يصح معهم من المناكر، وغصب الظلمة للدور لا يلزم أن يكونوا قد صلوا فيها الفرائض، فلذلك
पृष्ठ 63