शरह तलअत शम्स
شرح طلعة الشمس على الألفية
शैलियों
الشرط الخامس: أن يكون الراوي ذا مروءة تحفظه من فعل ما يهلكه من المعاصي ومن فعل ما يشينه عند ذوي المروءات وهذه الحالة عندهم معروفة بالعدالة واختلفت ضوابطهم لها وما ذكرته من الضابط كاف في ذلك فالمروءة عبارة عن حالة تكون في الإنسان تحمله على الاتصاف بالكمالات الإنسانية وعلى التجنب من الأحوال الردية ولما كان كمال المروءة ملازمة التقوى ومجانبة الهوى أشرت إلى ذلك بقولي: "تصونه عن فعل ما يرديه أو يشينه" ومعنى تصونه: تحفظه، ومعنى يرديه: يهلكه، ومعنى يشينه: يقبحه فخرج بذلك الفاسق الغير المتأول في فسقه لنه لم يتجنب الفعل المهلك له، أما الفاسق المتأول إذا اجتنب ما يدين بتحريمه فهو عدل في دينه وفي قبول روايته الخلاف المتقدم، وخرج أيضا من يفعل الامور الدنية من الحرف الردية ومخالطة الأراذل ومجالسة السفهاء ونحو ذل فإنه لا تقبل رواية من كان هذه صفته إذ لا مروءة له تمنعه من فعل ما يشينه فلا يؤمن منه الكذب، وباشتراط العدالة في الراوي تسقط رواية من لا تعرف حاله أهو عدل أم غير عدل؛ لأن المشروط في قبول خبر الواحد ظن صدقه ولا يظن بصدق خبر المجهول بل يستوي في الحالان ظن صدقه وظن كذبه ، وأيضا فلو ظن السامع صدقه مثلا مع جهالة حاله ما صح له قبول خبره لأن الأدلة السمعية منعت من اتباع الظن كما في قوله تعالى: { إن يتبعون إلا الظن } (يونس: 66)، { ولا تقف ما ليس لك به علم } (الإسراء: 36)، ونحوهما من الآيات، فحرم اتباع الظن عموما وخصص الإجماع من ذلك العموم قبول خبر العدل لظن صدقه فيبقى ما عداه في حكم التحريم، وذهب بعض قومنا إلى جواز قبول خبر مجهول الحال واحتجوا على ذلك بوجوه:
- أحدها: إنا لم نؤمر بالتثبت في الرواية إلا حيث علمنا الفسق، فإذا لم نعلم لم يجب التثبت لانتفاء سبب وجوبه، ورد بأنه لا نسلم أن سبب التثبت تحقق الفسق بل نقول إن سبب التثبت ظن الفسق، وذلك لا يرتفع إلا بمعرفة العدالة.
- الوجه الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم - : "نحن نحكم بالظاهر"، ورد بأنه لا نسلم أن الظاهر في المجهول الصدق، ثم إن هذا الخبر معارض بقوله تعالى: { ولا تقف ما ليس لك به علم } (الإسراء: 36).
الوجه الثالث: إن الشرع جوز قبول خبره في التذكية وملك ما يبيعه ونحو ذلك فيجب قياس سائر أخباره على ذلك، ورد بأن الشارع جوز ذلك مع تيقن فسقه أيضا ومنع من قبول روايته م تيقن الفسق فعلمنا التفرقة بينهما.
الشرط السادس: أن لا يكون الراوي عمل بخلاف ما روي، وهو المراد بقوله: "ومن يكن بعكس ما يروي عمل"، فإنه من روى رواية ثم عمل بخلاف مدلولها كان ذلك موجبا لتهمته إما في الرواية وإما في المساهلة في العمل وجميعها مخل بقبول الرواية إن لم نحكم بسقوط عدالته حسن ظن به لاحتمال أن يكون قد اطلع على ناسخ لها.
الشرط السابع: أن لا يترك الأخذ بروايته غيره من العلماء فإن ترك العلماء للأخذ بروايته مع سماعهم منه إنما يكون لطعن في الراوي أو لطعن في الرواية وإذا ثبتت عدالة الراوي دل ترك العمل بها على نسخها بدليل آخر ونحو ذلك؛ لأن العلماء لا يطبقون على ترك حق سمعوه فيدخل الشك في تلك الرواية.
الشرط الثامن: أن يتأول الرواية راويها فإن تأولها وقف عن قبولها وعن ردها لأن ذلك التأويل منه إنما يكون لشيء ف تلك الرواية كحديث معارض لها أو نحو ذلك فنحسن الظن بالراوي ونقف عن قبول روايته.
पृष्ठ 35