शरह तलअत शम्स
شرح طلعة الشمس على الألفية
शैलियों
وأجيب: بأنه متأول لما تقدم من الأدلة الدالة على وقوع المصير إلى التأويل، فتأول بأن المراد إذا نسخت تلاوتها كما يروى في قوله: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما" أنه كان في القرآن ثم نسخت تلاوته دون حكمه، والمعنى أنه تعالى إذا نسخ تلاوة آية يأتي بأفصح وأبلغ من المنسوخ أو مثله، ولم يرد بها نسخ الأحكام، سلمنا أنه أراد نسخ الأحكام؛ فهو عموم مخصص بما نسخ إلى غير بدل، وتخصيص العموم جائز كما مر، سلمنا أن الآية على ظاهرها، فلعل الناسخ إلى غير بدل لم يقع أصلا، فأين الدليل على منع جوازه رأسا؟! فسقط ما زعموه، والله أعلم.
وقول المصنف: "وبالأخف وأتى بالأثقل"، معناه: أن النسخ كما أتى إلى غير بدل كذلك أتي ببدل هو أخف من المنسوخ، وببدل أثقل منه، أما نسخه إلى بدل أخف منه فمتفق على جوازه ووقوعه، وأما إلى بدل أثقل منه في التكليف وأشق على النفس، فذهب إلى جوازه أكثر الأصوليين، وخالف في جوازه الشافعي وداود الظاهري ، فزعما أنه لا يجوز نسخ الأخف بالأشق، وجواز ذلك هو الصحيح، أما إذا لم نعتبر المصلحة فظاهر، وأما إذا اعتبرناها فقد تكون المصلحة بالأخف والأثقل، وأيضا فنسخ الأخف بالأثقل واقع، كما أشار إليه المصنف بقوله: "وأتى بالأثقل"، فمن ذلك نسخ تخييرنا بين أن نصوم في رمضان أو نخرج الفدية بحتم الصوم، فخيرنا في قوله: { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } (البقرة: 184)، ثم نسخ بقوله: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } (البقرة: 185)، فحتم الصوم، ومنع إجزاء الفدية عنه أشق من التخيير بينهما. ومن ذلك أيضا نسخ وجوب صوم يوم عاشوراء بوجوب صوم شهر رمضان، وصوم يوم واحد أخف من صوم شهر بتمامه. ومن ذلك أيضا نسخ حبس الزانيات في البيوت بالحد، وهو أشق.
واحتج المخالف بثلاثة أمور:
- أحدها: أن نسخ الأخف بالأثقل أبعد من المصلحة.
وأجيب: بأنه يلزمكم ذلك في ابتداء التكليف؛ لأن التكليف أشق من عدمه، وأيضا فقد يكون الأصلح في الأثقل.
पृष्ठ 288