245

शरह तलअत शम्स

شرح طلعة الشمس على الألفية

शैलियों

اعلم أنه إذا تقارن أمران في كلام واحد بطريق عطف الثاني على الأول، فإما أن يكون الثاني ناقصا، أي لا يتم معناه إلا بملاحظة المعطوف عليه، كجاء زيد وبكر، فالثاني كلاما تاما مستقلا بنفسه، كما في قوله تعالى: { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } (البقرة: 83)، فقيل: إن الجملة الثانية لا تشارك الجملة الأولى في جميع أحكامها؛ لأن المشاركة في الحكم إنما هي لنقصان المعطوف لو لم يشارك الأول في ذلك، وهذا كلام تام لا نقصان فيه، فلا يلزم منه التشريك في الحكم، ولا يدل عليه العطف، وقال بعض قومنا بوجوب التشريك في الحكم مطلقا، واستدل بهذه الآية على رفع الزكاة عن الصبي كما رفعت الصلاة عنه، وذهب بعض أصحابنا أيضا إلى إعطاء القرين حكم المقارن مطلقا، أي: ما لم يقم دليل على تخصيص أحدهما بحكم دون الآخر، فاستدل على حرمة القردة بعطف الخنازير عليها في قوله تعالى: { وجعل منهم القردة والخنازير } (المائدة: 60)، وحاصل استدلاله أنه لو لم يكن القردة والخنازير في الحكم سواء ما قرن بينهما ربنا تعالى، فلما قرن بينهما علمنا أنهما سواء في أحكامهما، وأنت خبير بأنه لا يلزم من هذه المقارنة التشريك في جميع الأحكام، وإنما يلزم التشريك في الحكم المذكور في تلك الجملة بعينها، وهي هاهنا كون المخسوف بهم منهم من جعل قردة، ومنهم من جعل خنازير، لكن قد يستدل على تحريم القردة بجعلها في الخسة والخبث بمنزلة الخنازير، بدليل مسخ الله قوما على صورتهما، والمسخ دليل الإهانة والنكال، ولو لم يكن القردة والخنازير من أخس الأشياء وأخبثها ما كان المسخ على صورتهما إهانة ونكالا، وقد حرم ربنا علينا الخبائث لقوله: { ويحرم عليهم الخبآئث } (الأعراف: 157)، فالقردة حرام لمشاركتها الخنازير في الخبث، والدليل على خبثها المقارنة في الآية الأولى، والله أعلم.

ثم إنه أخذ في بيان النسخ وأحكامه، فقال:

# مبحث النسخ

اعلم أن للنسخ استعمالين: أحدهما لغوي، والآخر شرعي.

? فأما اللغوي: فهو أن للنسخ في لسان العرب: إزالة الأعيان، كما يقال: نسخت الريح آثار بني فلان، أي أزالتها، وقال القفال: بل هو في اللغة: النقل، لا الإزالة؛ لأن العرب إذا قالت: نسخ فلان الكتاب، إنما تقصد أنه نقل الذي فيه إلى الكاغد الآخر، ولم تقصد أنه أزال ما نقل منه بالكلية، وإذا قالت: نسخت الريح آثار بني فلان، فلم تقصد أنه أعدمتها، وإنما أرادت إنها ذهبت بها عن تلك العرصة.

وأجيب: بأنه لا يمتنع أن يكون حقيقة في الإزالة، ثم استعمل ي النقل من حيث كان النقل مزيلا للمنقول عن مكانه، وإن حصل في مكان آخر، ثم استعمل في نسخ الكتاب من حيث أنه أشبه بالمنقول من الوجه الذي ذكره الخصم، فيكون استعمالهم ذلك في الإزالة، ثم استعمل في النقل من حيث كان النقل مزيلا للمنقول عن مكانه، وإن حصل في مكان آخر، ثم استعمل في نسخ الكتاب من حيث أنه أشبه المنقول من الوجه الذي ذكره الخصم، فيكون استعمالهم ذلك في الإزالة، ثم استعمل في النقل من حيث كان النقل مزيلا للمنقول عن في الكتاب تشبيها بالمجال وهو النقل، والنقل مشبه بالحقيقة، وهي الإزالة، وقيل: بل لفظ النسخ مشترك بين معنى الإزالة والنقل، وصححه البدر رحمه الله تعالى؛ لأنه قد استعمل فيهما على سواء، ولم يغلب على أحدهما دون الآخر، فوجب القضاء بالاشتراك.

पृष्ठ 268