166

शरह तलअत शम्स

شرح طلعة الشمس على الألفية

शैलियों

ووقت الحاجة إليه هو الذي يطلب منا العمل به، فإذا طلب منا العمل بالمجمل احتجنا إلى البيان، فحينئذ يمتنع تأخير البيان بعد الحاجة إليه قطعا؛ لأن في تأخيره مع طلب العمل تكليفا بما لا يطاق؛ لأن العمل بما لا يعلم كننه، ولا كيفيته محال، وربنا تعالى لم يكلف العباد بالمحال؛ أي ليس من حكمته تعالى ذلك، ومنع تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، اتفق عليه من منع التكليف بما لا يطاق، وأما جواز تأخيره قبل الحاجة إليه فذهب إليه الشريف المرتضى من الإمامية، وبعض الحنفية، والشافعية، وأبو الحسن الكرخي، ووافقهم ابن الحاجب، وصححه البدر الشماخي، وقال أبو طالب، وأبو علي، وأبو هاشم، والقاضي عبد الجبار، لا يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب، وقيل يجوز تأخيره في الأوامر، والنواهي، دون الإخبار، وقال أبو الحسين إن تقدم إشعار بأنه مبين جاز تأخير البيان، وإلا امتنع، والقول المختار هو جواز التأخير إلى وقت الحاجة، والحجة لنا على ذلك قوله تعالى: { ثم إن علينا بيانه }، وثم للتراخي، وقوله تعالى: { فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى }، فأعطى النبي بني المطلب، وبني هاشم، ومنع بني نوفل، وبني أمية، فسئل فقال: أنا وبني المطلب لم نفترق في الجاهلية، ولا الإسلام، وأيضا فإن عمر -رضي الله عنه- سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فقال: تكفيك آية الصيف، فكان عمر يقول اللهم مهما بينت فإن عمر لم يتبين، ووجهه الاستدلال بهذا الحديث هو أن عمر لم يفهم البيان من الآية بعد نزولها ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبين له ذلك، بل وكله على فهمه منها، ولو لم يكن تأخيرا للبيان قبل الحاجة إليه جائز لبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر معنى الكلالة، لا يقال إن هذا تأخير للبيان بعد الحاجة إليه؛ لأنا نقول أن المراد بالحاجة إلى البيان التكليف بالعمل به، وعمر لم يكلف عند

पृष्ठ 184