शरह तलअत शम्स
شرح طلعة الشمس على الألفية
शैलियों
وليها؛ محافظة على مكارم الأخلاق، بخلاف بيع سلعتها، ومن التأويلات البعيدة ما قاله الحنفية أيضا في تأويل قوله تعالى: { فإطعام ستين مسكينا }، قالوا أن المراد منه إطعام طعام يكفي لستين مسكينا فجعلوا الستين المسكين مقدارا لحد الطعام، وأجازوا إطعامه مسكينا واحدا؛ لأن المقصود عندهم سد الحاجة، وحاجة واحد كحاجة ستين، ووجه بعده أنهم جعلوا المعدوم من لفظ الآية وهو طعام موجودا وجعلوا الموجود فيها وهو ستين مسكينا معدوما، مع إمكان أن يريد الشارع حصول الجماعة المذكورين لحصول البركة باجتماعهم، ولتظافر قلوبهم على الدعاء لمطعمهم، ومن التأويلات البعيدة تأويل الحنفية أيضا قوله: صلى الله عليه وسلم "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" بصيام القضاء، والنذر المطلق، والكفارات، ووجه كونه بعيدا هو أنه لو لم يقصد صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب إلا هذه الأشياء كان الكلام كاللغز، ومنها تأويل الحنفية أيضا ذي القربى في قوله تعالى: { فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى }، بالفقراء من ذوي القربى؛ لأن المقصود سد الخلة، ولا خلة مع الغنى، ووجه بعده أنهم عطلوا لفظ العموم مع ظهوره في الآية، ومع عدم المانع من إرادته إذ يمكن أن تكون القرابة بنفسها سببا لاستحقاق ذلك النصيب من الخمس فغنى المستحق لا يمنع من استحقاقه لما ثبت له بعلة القرابة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمه العباس من الفيء، وهو غني، ومنها تأويل الحنفية أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: "في أربعين شاة شاة" قالوا المراد به قيمة شاة؛ لأن المقصود سد حاجة الفقير بقدر من ذلك المال، وذكر الشاة بيان للقدر ووجه بعده هو أنهم ألغوا بعض لفظ الحديث وهو شاة، وقدروا فيه ما ليس منه وهو قيمة شاة من غير سبب يقتضي هذا التقدير، وبلا علة توجب ذلك الإلغاء، مع أنه يمكن أن يكون المقصود نفس الشاة؛ لأجل البركة والنمو في المال، نعم وقد قال بعض أصحابنا بجواز إخراج قيمة الشاة
عن الشاة نفسها في الزكاة، ولعلهم إنما ذهبوا إلى ذلك من باب قياس القيمة على الشاة بجامع أن كلا منهما دافع لحاجة الفقير، لا بحملهم الشاة في الحديث على قيمتها كما ذهبت إليه الحنفية والله أعلم.
ولما فرغ من بيان المحكم وأحكام أنواعه في بيان المتشابه وأنواعه فقال:
أما ذو الاشتباه فهو ما اختفى ... معناه والحكم له أن تقفا
وذا لإجمال يكون فيه ... أو كان فيه ظاهر التشبيه
وحكمه الرد إلى محكمه ... ومجمل يأتيك في مبهمه
पृष्ठ 172