Sharh Sunan Ibn Majah - Al-Rajhi
شرح سنن ابن ماجة - الراجحي
शैलियों
ما جاء في التوقي في الحديث عن الرسول ﷺ
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التوقي في الحديث عن رسول الله ﷺ.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون حدثنا مسلم البطين عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عمرو بن ميمون قال: ما أخطأني ابن مسعود عشية خميس إلا أتيته فيه، قال: فما سمعته يقول بشيء قط: قال رسول الله ﷺ.
فلما كان ذات عشية قال: قال رسول الله ﷺ فنكس، قال: فنظرت إليه وهو قائم محللة أزرار قميصه، قد اغرورقت عيناه، وانتفخت أوداجه، قال: أو دون ذلك، أو فوق ذلك، أو قريبًا من ذلك، أو شبيهًا بذلك].
هذا الأثر عن ابن مسعود ﵁ استدل به المؤلف ﵀ على أنه ينبغي التوقي في حديث رسول الله ﷺ، والتحرز وعدم التسرع، وهذا محمول على ما إذا لم يتأكد الإنسان ويتيقن فيتحرى ويتوقى، ولذلك ابن مسعود اشتد عليه الأمر واغرورقت عيناه؛ لأنه يخشى أن يكذب، أما إذا تأكد الإنسان من الحديث فإن عليه أن يبلغه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون عن محمد بن سيرين قال: كان أنس بن مالك ﵁ إذا حدث عن رسول الله ﷺ حديثًا يفرغ منه قال: أو كما قال رسول الله ﷺ].
هذا إذا لم يتأكد يقول: أو كما قال، فقال هذا أو شبهه أو نحوه، يعني: يتأكد من لفظ الحديث فيقول: قال رسول الله ﷺ كذا، ثم يقول في آخره: أو كما قال أو نحو هذا، أو مثل هذا، أو شبه هذا، أو هذا معناه، هذا كله من التوقي حتى لا يقول على النبي ﷺ ما لم يقله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة ح وحدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قلنا لـ زيد بن أرقم ﵁: حدثنا عن رسول الله ﷺ قال: كبرنا ونسينا والحديث عن رسول الله ﷺ شديد].
قوله كبرنا ونسينا يعني: تقدمت به السن، فإذا تقدمت السن بالإنسان ينسى كثيرًا، ولهذا كان زيد بن أرقم يحدث عن رسول الله ﷺ، ولا يحدث إلا ما تأكد منه، وإذا طلبوا منه الإكثار من الحديث قال: كبرنا ونسينا.
السفر معروف بفتح الفاء، ويحتمل من وجه آخر السكون، والشكل ما عليه عمدة، العمدة بضبط الحروف وهو بفتح الفاء، قال ابن حجر: عبد الله بن أبي السفر بفتح الفاء الثوري الكوفي ثقة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو النضر عن شعبة عن عبد الله بن أبي السفر قال: سمعت الشعبي يقول: (جالست ابن عمر سنة فما سمعته يحدث عن رسول الله ﷺ شيئًا].
كل هذا من التوقي عن الحديث عن رسول الله، ولا يحدث إلا بما تأكد منه وسمعه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: سمعت ابن عباس ﵄ يقول: (إنما كنا نحفظ الحديث، والحديث يحفظ عن رسول الله ﷺ، فأما إذا ركبتم الصعب والذلول فهيهات)].
هذا من المبالغة، يعني: أن الناس كانوا في الأول يحفظون الحديث، ثم بعد ذلك ظهرت الخيانة، وفرط الناس وصاروا لا يبالون؛ ولهذا امتنعوا، قال: هيهات أن نحدثكم الآن عندما ظهرت فيكم الخيانة (فأما إذا ركبتم الصعب والذلول) أنتم لا تبالون، وصرنا نتوقع الحديث عن رسول الله ﷺ ولا نحدثكم خشية الخيانة والكذب على رسول الله ﷺ.
ويجمع بينهما: بأن تبليغ العلم فيما تأكد منه، وابن عمر لم يتأكد، وكان عنده شك وليس عنده يقين لذا توقف، والشيء الذي تأكد منه وحفظه وضبطه يبلغه.
2 / 2