Sharh Sunan Ibn Majah - Al-Rajhi
شرح سنن ابن ماجة - الراجحي
शैलियों
ما جاء في تعظيم حديث رسول الله والتغليظ على من عارضه
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تعظيم حديث رسول الله ﷺ، والتغليظ على من عارضه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح حدثني الحسن بن جابر عن المقدام بن معدي كرب الكندي أن رسول الله ﷺ قال: (يوشك الرجل متكئًا على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله ﷿، ما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله ﷺ مثل ما حرم الله)].
وهذا فيه تعظيم السنة، والعناية بها، ووجوب العمل بها، وفيه الرد على من أنكرها، وقول النبي ﷺ: (يوشك الرجل متكئًا على أريكته)، أي: على سريره أو مكانه، وفي اللفظ الآخر: (يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول: بيننا وبينكم كتاب الله، ما وجدنا فيه استحللناه، وما لم نجد فيه تركناه، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله).
وفي هذا تحذير من قول بعض الناس: نعمل بالقرآن ويكفينا، وقد وجدت طائفة تسمى: القرآنيون، يزعمون أنهم لا يعملون إلا بالقرآن ولا يعملون بالسنة، فهؤلاء ينطبق عليهم هذا الحديث، وهؤلاء كذبة، فلو كانوا يعملون بالقرآن لعملوا بالسنة؛ لأن الله أمر بالعمل بالسنة، قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر:٧] وقال: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [المائدة:٩٢].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا سفيان بن عيينة في بيته أنا سألته، عن سالم أبي النضر ثم مر في الحديث قال: أو زيد بن أسلم عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: (لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه)].
قوله: (لا ألفين) يعني: لا أجدن، وهذا فيه التحذير من هذا؛ لأن بعض الناس يأتيه الحديث أو الأمر من بعض ما أمر به النبي ﷺ أو النهي ينهى عنه فيقول: لا أدري ما هذا ما وجدنا في القرآن عملنا به، ويترك السنة.
ومن جحد سنة الرسول ﷺ فقد كفر؛ لأنه مكذب لله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني حدثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن القاسم بن محمد عن عائشة ﵂ أن رسول الله ﷺ قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)].
وهذا رواه الشيخان البخاري ومسلم عن عائشة ﵂.
وفيه التحذير من البدع، وأنها مردودة على أصحابها، وقوله (من أحدث في أمرنا هذا)، يعني: الإسلام الذي جاء به النبي ﷺ، (فهو رد)، يعني: مردود عليه.
وفي لفظ لـ مسلم: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر المصري أنبأنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير حدثه: (أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله ﷺ في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه، فاختصما عند رسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الأنصاري فقال: يا رسول الله! أن كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول الله ﷺ، ثم قال: يا زبير اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، قال: فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:٦٥])].
وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، وفيه تحذير من الاعتراض على السنة.
وفي الحديث أن الزبير اختصم مع أنصاري في شراج الحرة، وهو مسيل الماء من المطر، فالوادي إذا جاء وسال فإن الناس من أهل المزارع يسقون منه الأعلى ثم الأسفل وهكذا، فالذي يمر به المسيل أولًا يشرب، ثم يرسله إلى من بعده، فاختصم الزبير والأنصاري، وكان الزبير هو الأعلى والأنصاري تحته، فقال الأنصاري: اجعل الماء يمر على بستاني، فاختصما إلى النبي ﷺ، فقال نبيهم للزبير: اسق يا زبير ثم أعط الماء إلى جارك، ولم يبين له، فغضب الأنصاري وقال: أن كان ابن عمتك؟ لأن الزبير ابن عمة النبي ﷺ، يعني: أن كان ابن عمتك حكمت له، فتلون وجه رسول الله ﷺ، فلما أغضبه الأنصاري حكم للزبير واستوفى حقه، فقال: اسق يا زبير واحبس الماء حتى يصل إلى الجدر، يعني: كما يسقي الرجل، ثم أوصل الماء إلى جارك، ففي الحكم الأول لم يستوف حق الزبير، وفيه مصلحة للأنصاري، حيث قال ﷺ: (اسق يا زبير ثم أعط الماء إلى جارك) فلما أغضبه الأنصاري، استوفى حقه، وقال: (اسق يا زبير واحبس الماء حتى يرجع إلى الجدر)، أي: بمقدار ما يسقي الرجل، قال الزبير: (لا أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء:٦٥]).
يعني: لا ينفعهم الإيمان حتى يحكموا الرسول فيما شجر بينهم، أي: في موارد النزاع، ﴿ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:٦٥]، وهذا الرجل يحتمل أنه منافق، ويحتمل أنه من شدة الغضب الذي استولى عليه قال هذه الكلمة السيئة للنبي ﷺ.
وفي الحديث: أن النبي ﷺ وهو أشرف الخلق قد ابتلى ببعض الناس ممن يقولون بهذا الكلام، وابتلي أيضًا برجل قال له لما قسم بعض الغنائم إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله.
وهو أصل الخوارج.
والنبي ﷺ أعدل الناس، كما قال ﵊: (ألا تأمنوني وأنا أمين في السماء، يأتيني خبر السماء صباحًا ومساءً).
وفي هذا الحديث تعظيم السنة والعناية بها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ قال: (لا تمنعوا إماء الله أن يصلين في المسجد) فقال ابن له: إنا لنمنعهن، فغضب غضبًا شديدًا وقال: أحدثك عن رسول الله ﷺ، تقول: إنا لنمنعهن].
وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه، وهذا الابن قيل: إن اسمه بلال، فلما روى ابن عمر هذا الحديث: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)، وفي لفظ: (أن يصلين في المسجد)، وإماء الله يعني: النساء، وفي اللفظ الآخر: (إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها)، فقال: ابن لـ ابن عمر يقال له بلال: والله لأمنعهن، لو تركناهن لاتخذن ذلك ذريعة فأقبل عليه عبد الله وسبه سبًا قبيحًا، يقول الراوي: ما رأيته سب مثله لأحد، وقال: أقول لك قال رسول الله لا تمنعونهن، وتقول: والله لأمنعهن! وهذا فيه وجوب تعظيم السنة، وأنه لا يجوز للإنسان أن يعترض على السنة، فعندما قال ابن عبد الله: والله لأمنعهن، وإن كان قصده الخير لكن لا ينبغي أن يعارض السنة، والمرأة لا تمنع من المسجد إذا طلبت ذلك إلا إذا أخلت بالشروط، كأن تخرج سافرة، أو متبرجة، أو يخشى عليها من الفتنة، ففي هذه الحالة تمنع وإلا فإنها لا تمنع: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن ثابت الجحدري وأبو عمرو حفص بن عمر قالا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن مغفل أنه كان جالسًا إلى جنبه ابن أخ له فخذف فنهاه، وقال: (إن رسول الله ﷺ نهى عنها، وقال: إنها لا تصيد صيدًا، ولا تنكي عدوًا، وإنها تكسر السن وتفقأ العين)، قال: فعاد ابن أخيه يخذف، فقال: أحدثك أن رسول الله ﷺ نهى عنها ثم عدت تخذف لا أكلمك أبدًا].
وهذا أيضًا أخرجه مسلم في صحيحه، وفيه: أن عبد الله بن مغفل ﵁ رأى ابن أخ له يخذف، يعني: يأخذ حصاة صغيرة بين أصابعه ويرمي بها، فقال: (لا تخذف فإن الرسول نهى عن الخذف، وقال: إن الخذف يفقأ العين ويكسر السن، ولا يصيد صيدًا، ولا ينكي عدوًا) أي: لا يفيد، فلا يصيد الصيد ولا يؤثر في العدو، ومضرته ظاهرة، فقد يصيب عين إنسان فيفقأها، أو سنه فيكسره، فلما أبلغه بالسنة رآه بعد ذلك يخذف هجره وقال: لا أكلمك أبدًا.
وهذا فيه تعظيم ا
1 / 5