Sharh Sunan Abi Dawood by Al-'Abbad
شرح سنن أبي داود للعباد
शैलियों
الكلام على الحديث المرسل وحجيته
قال ﵀: [وأما المراسيل، فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي، حتى جاء الشافعي فتكلم فيها وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره رضوان الله عليهم، فإذا لم يكن مسند غير المراسيل ولم يوجد المسند فالمرسل يحتج به، وليس هو مثل المتصل في القوة].
المرسل عند المحدثين له معنيان: معنى يقال إنه عند الفقهاء وهو في الحقيقة يأتي على ألسنة المحدثين أيضًا، ومرسل في اصطلاح المحدثين، فالمرسل في اصطلاح المحدثين هو الذي يقول فيه التابعي قال رسول الله ﷺ كذا.
هذا هو المشهور في اصطلاح المحدثين، وهناك مرسل أعم من هذا المرسل، وهو المنقطع الذي يرويه الراوي عن شخص ما أدركه، أو أدركه ولم يسمع منه، وهو الذي يسمونه المرسل الخفي.
أما مرسل جلي فهو: الذي يكون فيه الانقطاع واضحًا، حيث يروي شخص عن شخص ما أدرك عصره.
كما ذكروا الفرق بين التدليس والمرسل الخفي فقالوا: المدلس هو رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم للسماع، أما إن عاصره ولم يعرف أنه لقيه فهو المرسل الخفي، فهو ليس تلميذًا له، أما المدلس فهو تلميذ لمن دلس عنه.
والمشهور عند كثير من المحدثين ومنهم الإمام مسلم كما ذكر ذلك في مقدمته: أنه لا يحتج بالمرسل لما فيه من الانقطاع، والجهل بالساقط، وليس ذلك خشية أن يكون الساقط صحابيًا، فإن جهالة الصحابي لا تؤثر، فالسبب في عدم الاحتجاج بالمرسل: احتمال أن يكون الساقط تابعيًا، وذلك التابعي يحتمل أن يكون ثقة ويحتمل أن يكون ضعيفًا، فمن أجل ذلك قالوا بعدم الاحتجاج بالمرسل.
لكن بعض أهل العلم يقول: إن المرسل إذا ضم إليه مرسل آخر جاء من طريق آخر فإنه يضم بعضهما إلى بعض ويصير من قبيل الحسن لغيره، كالمدلس إذا جاء الحديث فيه تدليس، وجاء من طريق آخر فيه شيء من الضعف اليسير فيضم بعضها إلى بعض ويصير الحديث حجة، ويعول عليه، ويقال له: الحسن لغيره، والحسن لغيره: هو الحديث المتوقف فيه إذا جاء ما يقويه ويعضده.
إذًا: المرسل غير مقبول عند كثير من المحدثين؛ لأن فيه سقطًا، والساقط يحتمل أن يكون تابعيًا، والتابعي قد يكون غير ثقة في الحديث، وليس الإشكال في أن يكون الساقط صحابيًا؛ فإن الصحابة لا تضر جهالتهم، ولا يؤثر عدم معرفة أشخاصهم وأحوالهم؛ لأنهم كلهم عدول بتعديل الله ﷿ لهم وتعديل رسوله ﷺ.
2 / 11