وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنَّهُ إذَا بَلَغَهُ كَثْرَةُ جَمْعِ الْأَعْدَاءِ عَلَى جَيْشٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَمُدَّهُمْ لِيَتَقَوَّوْا بِهِ، وَأَنْ يَحُثَّ الْمَدَدَ عَلَى التَّعْجِيلِ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ بِوُصُولِهِمْ إلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يَنْهَزِمُوا. فَالْمُنْهَزِمُ لَا يَرُدُّهُ شَيْءٌ.
وَإِنَّمَا قَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ الشَّامَ عَلَى الْعِرَاقِ لِأَنَّ الشَّامَ بَلْدَةٌ مُبَارَكَةٌ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْمُرْسَلِينَ. قَالَ: فَأَقْبَلَ خَالِدٌ مُغِذًّا جَوَادًا بِمِنْ مَعَهُ.
يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: " مُغِذًّا " أَيْ مُسْرِعًا مُنْقَادًا لِمَا أَتَى مِنْ أَمْرِ الْخَلِيفَةِ، يُقَالُ: أَغَذَّ الْقَوْمُ إذَا أَسْرَعُوا السَّيْرَ. ثُمَّ شَقَّ الْأَرْضَ حَتَّى خَرَجَ إلَى ضُمَيْرٍ وذنبة فَوَجَدَ الْمُسْلِمِينَ مُعَسْكِرِينَ بِالْجَابِيَةِ.
قَالَ: فَتَسَامَعَ بِخَالِدٍ أَعْرَابُ الْعَرَبِ الَّذِي كَانُوا فِي مَمْلَكَةِ الرُّومِ فَفَزِعُوا لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَشْهُورًا بِالْجَلَادَةِ. وَقَدْ سَمَّاهُ النَّبِيُّ ﵇ سَيْفَ اللَّهِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ: شِعْرٌ
أَلَا فَأَصْبِحِينَا قَبْلَ خَيْلِ أَبِي بَكْرِ ... لَعَلَّ مَنَايَانَا قَرِيبٌ وَمَا نَدْرِي
وَقِصَّةُ هَذَا مَذْكُورَةٌ فِي الْمَغَازِي أَنَّ قَائِلَ هَذَا الْبَيْتِ كَانَ رَجُلًا مِنْ
1 / 48