للنفس ما ذهب من آثاره، وعفا من رسومه، ووفاؤكما كذلك، وإذا عدمت إسعادكما جلست استشف بالدمع الذي هو جنة المحزون. وأشفاه ساجمه كما أن وفاؤكما أشجاه للنفس ذاهبه.
وما أنا إلاّ عاشقُ كُلُّ عاشقٍ ... أعقُّ خَلِيْلَيْهِ الصَّفَّيينِ لائِمُهُ
ثم قال، مبينًا لعذره، وطاعنًا على صاحبيه في لومه: وما أنا إلا عاشق يريد: أنه كمن تقدمه من العشاق، وكل عاشق خليليه المصافيين الذي يؤثر لومه، ويستجيد عذله، فلا شكر ما أكرهه من لومكما، وأرغبه من إسعادكما.
وقد يَتَزَيا بالهَوَى غَيْرُ أهْلِهِ ... وَيَسْتَصْحِبُ الإنْسَانُ من لا يُلائِمُهْ
ثم أكد ملامة صاحبيه، بأنهما منعاه ما يمكنهما من إسعاده، بظاهر يتكلفانه له وإن لم يعتقداه بالهوى أهله، ويستصحب الإنسان من لا يوافقه على رأيه.
بَلِيْتُ بِلَى الأطْلالِ إنْ لَمْ أقِفْ بها ... وُقوفَ شَحِيْحٍ ضَاعَ في التُّرْبِ خَاتِمُهْ
ثم دعا على نفسه، مستبصرًا في مذهبه، بأن يبلى بلى الأطلال
1 / 158