शरह शफिया इब्न हाजिब
شرح شافية ابن الحاجب
أقول: لا شك أن في قول المصنف قبلُ " لنسبة أصله إلى أحد الأمرين متعلقا بالآخر للمشاركة صريحًا " وقوله ههنا " لمشاركة أمرين فصاعدا في أصله صريحا " تخليطًا وَمَجْمَجَةً (١) وذلك أن التعلق المذكور في الباب الأول والمشاركة المذكورة ههنا أمران معنويان، لا لفظيان، ومعنى " ضَارَبَ زيد عمرًا " و" تضارب زيد وعمرو " شئ واحد، كما يجئ، فمعنى التعلق والمشاركة في كلا البابين ثابت، فكما أن للمضاربة تعلقا بعمر وصريحا في قولك " ضارب زيد عمرًا " فكذا للتضارب في " تضارب زيد وعمرو " تعلق صريح به، وكما أن زيدًا وعمرًا متشاركان صريحًا في " تضارب زيد وعمرو " في الضرب الذي هو الأصل فكذاهما متشاركان فيه صريحا في " ضارب زيد عمرا " فلو كان مطلق تعلق الفعل بشئ صريحًا يقتضي كون المتعلِّق به مفعولًا به لفظًا وجب انتصاب عمرو في " تَضَارَبَ زيد وعمرو " ولو كان مطلق تشارك أمرين فصاعدًا صريحًا في أصل الفعل يقتضي ارتفاعهما لارتفع زيد وعمرو في " ضارب زيد عمرًا " فظهر أنه لا يصح بناء قوله في الباب الأول " ومن ثم جاء غير المتعدي متعديًا "، ولا بناء قوله في هذا الباب " ومن ثم نقص مفعولًا عن فاعل " على المشاركة، وكان أيضًا من حق اللفظ أن يقول: تفاعل لاشتراك أمرين، لأن المشاركة تضاف إما إلى الفاعل أو إلى المفعول تقول: أعجبتني مشاركة القولا عَمْرًَا، أو مشاركة عمرو القومُ، وأما إذا قصدت بيان كون المضاف إليه فاعلًا ومفعولًا مَعًا فالحق أن تجئ بباب التفاعل أو الافتعال، نحو أعجبني نشاركنا، واشتراكنا، هذا، والأولى ما قال المالكي (٢) وهو أن فاعل
(١) المجمجة: تغيير الكتاب وإفساده، ومجمج الرجل في خبره: لم يبينه (٢) هكذا في كافة أصول الكتاب، ولم يتبين لنا مقصود المؤلف من الماكلي، ويخطر على البال أنه أراد الامام أبا القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الخثعمي الاندلسي (المالقي) وهو شارح الجمل للزجاجي، وتلميذ ابن الطراوة النحوي وأبي بكر بن العربي الماكلي، وكانت وفاته في سنة ٥٨١ هـ (أي قبل وفاة الرضي بنحو قرن) (*)
1 / 100