يوجه إليه الدهاء، لأن الدعاء لا يوجه إلى مجهول.
2 - العلم واليقين بوحدانية الله، وأنه تعالى النافع الضار الذي يملك العطاء والنجدة، فلا يصح توجيه الدعاء إلى غيره، ولا يستحق العبادة أحد سواه، ولولا ذلك لما وجه إليه الدعاء إذ أنه لا يطلب الشئ إلا ممن يملك إعطاءه، وفي هذا يقول تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم).
3 - الشعور الذاتي بالضعف والحاجة والفقر إلى الله سبحانه، ولو لم يكن المرء شاعرا بذلك لما تقدم إلى الله تعالى بالدعاء، وهذا من شأنه إظهار التذلل والتزام الطاعة لما افترض، والعمل على ما يقرب إليه من البر والإحسان وكل ما يفيد الإنسان.
فلا غرو إذا ما كان الدعاء بهذا المعنى هو الركن الأساسي لجميع الديانات، وهو الأمر الذي فطرت النفوس عليه، بل هو الأمر الذي من أجله خلق الله الجن والإنس حيث يقول تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) أي ليدعونني، نتيجة معرفتهم لي ليكونوا على صلة تامه بي ويؤمنوا بي فيطيعوا أمري ويوقنوا بقدرتي، وينتظروا مني تحقيق آمالهم. وقد عقب الله تعالى على هذه الآية بقوله: (ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين). أي أن الله تعالى لم يخلقهم إلا للاتصال به عن طريق معرفته وتوحيده وطاعة أمره واجتناب نواهيه، والاعتراف بالحاجة إليه ليمنحهم ما يشاؤون، والله تعالى لم يرد منهم العمل لإيجاد أساس الرزق، فهو الرزاق الذي يسره لعباده وتكفل لهم به، وما عليهم إلا السعي لتناوله حيث يقول: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) وما يريد منهم أن يقدموا لذاته شيئا من العبادات ليعود
पृष्ठ 66