ولهو الحديث ليس بشاكر. والذي يعطيه الله من العلم شيئا ولا يعمل به ولا يعلمه الناس ليس بشاكر. والذي يعطيه من المال ما يستعين به على طاعته بصرفه في وجوه الخير والبر ويبخل به أو يصرفه في معاصي الله ليس بشاكر.
لهذا دعا الله تعالى إلى التخلق بالشكر في كثير من الآيات، (بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) ومدح نبيه إبراهيم لقيامه بواجب الشكر، (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين، شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم. (وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين) كما تفضل الله بعدم عذابهم (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم). ووعد الشاكرين بأن يزيد لهم النعم في الدنيا ويحفظها لهم، فقال سبحانه: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد).
والانسان عليه واجب الشكر نحو خالقه فإن لم يفعل كان بذلك مقترفا أشنع أنواع الجحود والنكران. ألا ترى أننا ننكر على الشخص الذي لا يسدي الشكر لمن أحسن إليه من البشر، فما بالك بمن لا يسدي الشكر لله خالقه مصدر كل النعم. ولا يمكن أن نكون مقربين إلى الله من غير شكره وهذا ما أمر به الله في آيات متعددة بعد أن ذكر فيها بعض النعم التي أنعمها على الإنسان، (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) ويقول سبحانه: (وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون. وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون. ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشركون). ويقول سبحانه أيضا: (الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون، وسخر لكم ما في
पृष्ठ 56