فظهر بهذا أن المعنى الافرادي للاسم والفعل في أنفسهما، وللحرف في غيره، ولا يصح الاعتراض على حد الحرف بالصفات، وذلك بأن يقال: إن لفظ (3) طويل، مثلا، في جاءني رجل طويل، موجد لمعناه أي الطول في موصوفه، حتى صار الموصوف متضمنا له.
وذلك أن معنى طويل: ذو طول، فهو دال على معنيين أحدهما قائم بالاخر، إذ الطول قائم بذو فمعناه: الطول وصاحبه، لا مجرد الطول الذي في " رجل " وإنما ذكر الموصوف قبله ليعين ذلك الصاحب الذي دل عليه طويل، وقام به الطول لا ليقوم به الطول.
واما قولهم: النعت دال على معنى في متبوعه فلكون المتبوع معينا لذلك الذي قام به المعنى ومخصصا له وكونه اياه، بل المصدر في قولك: ضرب زيد مفيد لمعنى في لفظ غيره، أعني ضاربية زيد، لكنهم احترزوا عن مثله بقولهم " دل "، أي دل بالوضع، ولم يوضع المصدر ليفيد في لفظ غيره معنى، إذ يصح أن يقال: الضرب شديد، ولا يذكر الضارب، ولا يخرج بذلك عن الوضع.
ويصح أن يعترض عليه (1) بالافعال، فإن " ضرب " وضع ليدل على ضاربية ما ارتفع به، ولا يندفع هذا الاعتراض إلا بما قال بعضهم: الحرف ما لا يدل إلا على معنى في غيره، فإن " ضرب " مفيد في نفسه الاخبار عن وقوع ضرب، وفي فاعله عن ضاربيته، بخلاف " من " فإنه لا يفيد إلا معنى الابتداء في غيره.
قوله " غير مقترن " صفة بعد صفة لقوله " معنى "، ويتبين معنى قوله " غير مقترن " ببيان قوله في حد الفعل " هو ما دل على معنى في نفسه مقترن بأحد الازمنة الثلاثة " أي على معنى واقع في أحد الازمنة الثلاثة معينا، بحيث يكون ذلك الزمان المعين أيضا مدلول اللفظ الدال على ذلك المعنى بوضعه له أولا، فيكون الظرف والمظروف مدلول لفظ واحد بالوضع الاصلي، فيخرج عن حد الفعل نحو اضرب والقتل، وإن وجب وقوعه في أحد الازمنة الثلاثة معينا في نفس الامر، لان ذلك المعين لا يدل عليه لفظ المصدر.
पृष्ठ 38