أحدهما: استغراق الجنس، وهو الذي يحسن فيه لفظة " كل " كقوله تعالى: " إن الانسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا " (3)، أي كل الانسان، وإلا، لم يجز الاستثناء، لانه (4) عند الجمهور من النحاة يخرج ما لولاه لوجب دخوله تحت المستثنى منه، وهذا الاستغراق مفيد للكثرة فيناقض الوحدة.
والثاني: ماهية الجنس من غير دلالة اللفظ على القلة ولا الكثرة، بل ذاك احتمال عقلي، كما في قوله تعالى: " لئن أكله الذئب " (1)، ولم يكن هناك ذئب معهود، ولم يرد استغراق
الجنس أيضا.
ومثله قولك: ادخل السوق، واشتر اللحم، وكل الخبز، فهذا النوع من الجنس لا يناقض الوحدة، إذ لا دلالة فيه على الكثرة.
والمقصود في هذا الموضع هو الثاني، أي ماهية الجنس من حيث هي هي، لان الحد إنما يذكر لبيان ماهية الشئ، لا لبيان استغراقه.
إن قيل: لم لم يقل " لفظة " ليوافق الخبر المبتدأ في التأنيث ؟ فالجواب أنه لا يجب توافقهما فيه إلا إذا كان الخبر صفة مشتقة غير سببية، نحو: هند حسنة، أوفي حكمها، كالمنسوب، أما في الجوامد فيجوز (2)، نحو: هذه الدار مكان طيب، وزيد نسمة عجيبة.
وقوله " لفظ " ههنا، وإن كان بمعنى الصفة، أي ملفوظ بها، كما ذكرنا، إلا أن أصله مصدر، ويعتبر الاصل في مثله، نحو: امرأة صوم ورجلان صوم، ورجال صوم، فلا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع.
فإن قيل: كان ينبغي أن يقول " لفظة " ليخرج عنه الكلمتان، إذ هما لفظتان، وكذا الكلمات.
पृष्ठ 24