والمعول: يحتمل تفسيرين؛ أحدهما أن يكون معول موضع عويل، أي بكاء، كأنه قال: هل عند رسم دارس من مبكى؟ أخذ من العويل وهو الصياح، يقال: قد أعول الرجل فهو معول، إذا فعل ذلك، ويحتمل أن يكون المراد بالمعول موضعا ينال فيه حاجته، كما تقول: معوَّلنا على فلان، ومعول: محمل، يقال: عول على فلان، أي احمل عليه، يقول: فهل يحمل على الرسم ويعول عليه بعد دروسه؟
فإن قيل: كيف قال في البيت الأول (لم يعف رسمها) فأخبر أن الرسم لم يدرس وقال في هذا البيت (فهل عند رسم دارس)؟
قيل له: في هذا غير قول، قال الأصمعي: معناه قد درس بعضه ولم يدرس كله، كما تقول: درس كتابك، أي ذهب بعضه وبقى بعضه، وقال أبو عبيدة: رجع فأكذب نفسه بقوله: (فهل عند رسم دارس من معول؟)، كما قال زهير:
قِفْ بِالدِّيَارِ الَّتِي لَمْ يَعْفُهَا القِدَمُ ... بَلَى، وَغَيَّرَهَا اْلأَرْوَاحُ وَالدِّيَمُ
وقيل: ليس قوله في هذا البيت (فهل عند رسم دارس) مناقضا لقوله (لم يعف رسمها) لأن معناه لم يدرس رسمها من قلبي وهو في نفسه دارس. وقالوا: أراد زهير في بيته قف بالديار التي لم يعفها القدم من قلبي، ثم رجع إلى معنى الدروس فقال: بلى وغيرها الأرواح والديم.
(كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الْحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا ... وَجاَرَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَلِ)
كدأبك: أي كعادتك، وروى أبو عبيدة (كدينك) والدين هنا بمعنى
1 / 10