(وَوَادٍ كَجَوْفٍ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُهُ ... بِهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كالخَلِيعِ المُعَيَّلِ)
فيه قولان: أحدهما أن جوف العير لا ينتفع منه بشيء - يعني العير الوحشي - والقول الآخر أن الهير هنا رجل من العمالقة كان له بنون وواد خصيب، وكان حسن الطريقة، فسافر بنوه في بعض أسفارهم، فأصابتهم صاعقة فأحرقتهم، فكفر بالله، وقال: لا أعبد ربا أحرق بنيَّ، وأخذ في عبادة الأصنام، فسلّط الله على واديه نارا، والوادي بلغة أهل اليمن يقال له الجوف، فأحرقته، فما بقي منه شيء، وهو يضرب به المثل في كل ما لا بقية فيه.
والخليع: المقامر، ويقال: هو الذي قد خلع عذاره فلا يبالي ما ارتكب، والمعيل: الكثير العيال، والكاف منصوبة بيعوي.
(فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا عَوَى: أن شَأْنَنَا ... قَلِيلُ الغِنَى أن كُنْتَ لَمَّا تَمَوَّلِ)
أي أن كنت لم تصب من الغنى ما يكفيك، وقوله: (إنَّ شأننا قليل الغنى) أي أنا لا أغنى عنك وأنت لا تغنى عني شيئا، أي أنا أطلب وأنت تطلب فكلانا لا غنى له، ومن رواه (طويل الغنى) أراد همتي تطول في طلب الغنى.
(كِلاَنَا إذا مَا نَالَ شَيْئًا أَفَاتَهُ ... وَمَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وَحَرْثَكَ يُهْزَلِ)
أي إذا نلت شيئا أفته، وكذلك أنت إذا أصيت شيئا أفته (ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل) أي من طلب مني ومنك شيئا لم يدرك مراده، وقال قوم: معنى البيت من كانت صناعته وطلبته مثل طلبتي وطلبتك في هذا الموضع مات هزالا، لأنهما كانا بواد لا نبات فيه ولا صيد.
1 / 38