أقول ونضوِي واقفٌ عند رمسها ... عليك سلامُ الله والعينُ تسفحُ
العبرة: الدمعة. والعُبْر والعَبَر: سُخنة العين. ومعنى قوله مهراقة: مصبوبة يقال أرقت الماء فأنا
أريقه إراقة. وهرقت الماء أهريقه. ومن العرب من يقول: أهرقت الماء فيزيد ألفا قبل الهاء. ووزن
أرقت أفعلت، أصله أريقت، فألقيت فتحة الياء على الراء، وصارت الياء ألفا لانفتاح ما قبلها، وسقط
الألف لسكونها وسكون القاف. ومن قال هرقت الماء قال: قدرت العرب أن الهمزة فاء من الفعل
فأبدلوا منها هاء، كما قالوا إبرية وهبرية، للذي يسقط من الرأس من الوسخ. وكما قالوا في الإغراء:
إياك إياك، وهياك هياك. والذين قالوا أهرقت الماء قدروا أن الهاء فاء من الفعل، فزادوا عليها الألف.
ووزن مهراقة من الفعل مفعلة، أصلها مريقة، فألقوا فتحة الياء على الراء فصارت الياء ألفا لانفتاح
ما قبلها وزادوا قبل الراء الهاء التي في هرقت الماء. وقوله: (فهل عند رسم دارس من معول) أن
قال قائل: كيف قال في البيت الأول لم يعف رسمها فخبر أن الرسم لم يدرس، وقال في هذا البيت:
(عند رسم دارس)؟ قيل له: في هذا غير قول، قال الأصمعي: قد درس بعضه وبقى بعضه ولم يذهب
إلى كله، كما تقول: قد درس كتابك، أي ذهب بعضه وبقى بعضه. وقال أبو عبيدة: رجع فأكذب نفسه
بقوله: (فهل عند رسم دارس)، كما قال زهير:
قف بالديار التي لم يَعفُها القِدمُ ... بلى وغيَّرها الأرواحُ والدّيَمُ
وقال آخرون: ليس قوله في هذا البيت (فهل عند رسم دارس) بناقض لقوله (لم يعف رسمها) لأن
معناه لم يدرس رسمها من قلبي وهو في نفسه دارس. وقالوا: أراد زهير في بيته: قف بالديار التي لم
يعفها القدم من قلبي، ثم رجع إلى معنى الدروس فقال: (بلى وغيرها الأرواح والديم). وقال آخرون:
معنى (فهل عند رسم دارس) الاستقبال كأنه قال: فهل عند رسم سيدرس بمرور الدهر عليه، وهو
الساعة باق، كما تقول: زيد قائم غدا، معناه: زيد يقوم غدا. قال الراجز
1 / 26