278

शरह नहज बलाघा

شرح نهج البلاغة

संपादक

محمد عبد الكريم النمري

प्रकाशक

دار الكتب العلمية

संस्करण

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1418 अ.ह.

प्रकाशक स्थान

بيروت

وروى أبو جعفر : لما اشتد على عثمان الحصار ، أشرف على الناس ، فقال : يا أهل المدينة ، أستودعكم الله وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي . ثم قال : أنشدكم الله ، هل تعلمون أنكم دعوتم الله عند مصاب عمر أن يختار لكم ويجمعكم على خيركم ! أفتقولون : إن الله لم يستجب لكم ، وهنتم عليه ، وأنتم أهل حقه وأنصار نبيه ، أم تقولون : هان على الله دينه فلم يبال من ولى ، والدين لم يتفرق أهله بعد ! أم تقولون : لم يكن أخذ عن مشورة ، إنما كان مكابرة ، فوكل الله الأمة - إذ عصته ولم يتشاوروا في الإمامة - إلى أنفسها ! أم تقولون : إن الله لم يعلم عاقبة أمري ! فمهلا مهلا ! لا تقتلوني ، وإنه لا يحل إلا قتل ثلاثة : زان بعد إحصان ، أو كافر بعد إيمان ، أو قاتل نفس بغير حق . أما إنكم إن قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم ثم لا يرفعه الله عنكم أبدا . فقالوا : أما ما ذكرت من استخارة الناس بعد عمر ، فإن كل ما يصنعه الله الخيرة ، ولكن الله جعلك بلية ابتلى بها عباده ، ولقد كانت لك قدم وسابقة ، وكنت أهلا للولاية ، ولكن أحدثت ما تعلمه ، ولا نترك اليوم إقامة الحق عليك مخافة الفتنة عاما قابلا . وأما قولك : لا يحل دم إلا بإحدى ثلاث ؛ فإنا نجد في كتاب الله إباحة دم غير الثلاثة : دم من سعى في الأرض بالفساد ، ودم من بغى ثم قاتل على بغيه ، ودم من حال دون شيء من الحق ومنعه وقاتل دونه ؛ وقد بغيت ومنعت الحق ، وحلت دونه ، وكابرت عليه ، ولم تقد من نفسك من ظلمته ، ولا من عمالك ، وقد تمسكت بالإمارة علينا ، والذين يقومون دونك ويمنعوك ، إنما يمنعونك ويقاتلوننا لتسميتك بالإمارة ، فلو خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال معك .

فسكت عثمان ولزم الدار ، وأمر أهل المدينة بالرجوع ، وأقسم عليهم فرجعوا ، إلا الحسن بن علي ، ومحمد بن طلحة ، وعبد الله بن الزبير وأشباها لهم ، وكانت مدة الحصار أربعين يوما .

قال أبو جعفر : ثم إن محاصري عثمان أشفقوا من وصول أجناد من الشام والبصرة تمنعه ، فحالوا بين عثمان وبين الناس ، ومنعوه كل شيء حتى الماء ، فأرسل عثمان سرا إلى علي عليه السلام ، وإلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد منعونا الماء ، فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا ماء فافعلوا . فجاء علي عليه السلام في الغلس وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، فوقف علي عليه السلام على الناس فوعظهم ، وقال : أيها الناس ؛ إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين ، إن فارس والروم لتأسر فتطعم وتسقي ، فالله الله ! لا تقطعوزا الماء عن الرجل ؛ فأغلظوا له وقالوا : لا نعم ولا نعمة عين . فلما رأى منهم الجد نزع عمامته عن رأسه ، ورمى بها إلى دار عثمان ، يعلمه أنه قد نهض وعاد .

पृष्ठ 92