وعند رأسه أُهُب معلقة جمع إهاب فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت فقال ﷺ: مَا يُبكِيكَ؟ فقلت: يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت يا رسول الله فقال: "أما تَرْضى أنْ يكُون لهُما الدُّنيا ولَنا الآخرة" (ثم إنَّ عمر مسَّه) أي مسَّ النبي ﷺ وجسَّه ليدرك بيده ما أحسَّه (فإذا هو في شدَّة الحمَّى) وغاية البلوى، كما روى ابن ماجه وابن أبي الدنيا روى الحاكم وقال: صحيح الإسناد كلهم من رواية أبي سعيد الخدري أنه ﵊ كانت عليه قطيفة فكانت الحمى تصيب من يضع يده عليه من فوقها فقيل له في ذلك فقال: "إنَّا كَذَلِكَ يُشَدَّدُ عَلينَا البَلاَءُ ويضاعَفُ لَنَا الأجْر" (فقال) أي عمر (تحم) بضم التاء وفتح الحاء وتشديد الميم أي تصيبك الحمى، (هكذا) أي بهذه المثابة من الشدة في الإصابة، (وأنت رسول الله) والرسالة غاية الرتبة في المختبر ونهاية المرتبة في العزة (فقال: إِنَّ أَشَدَّ هَذِهِ الأمَةِ بَلاءَ نَبِيُّهَا ثُمّ الخَيِّرُ) بتشديد التحتية المكسورة أي المبالغ في الخير (ثم الخير) أي وهلم جرَا من أمته على مقدار خيريته بين خلق الله وبريته، (وكذلك كانت الأنبياء) ﵈ (قبلكم) أي مبتلين بأنواع البلاء على مقدار مراتبهم في مقام الولاء (والأمم) أي وكذا حال أممهم على قدر ألمهم.
والمعنى أنه لن تجد لسنة الله تبديلًا، ولن تجد لسنة الله تحويلًا.
وأخرج النسائي وصححه الحاكم من حديث فاطمة أخت حذيفة بن اليمان
قالت أتيت النبي ﷺ في الشتاء تعوده فإذا يُقَطَّرُ عليه من شدة الحمى فقال: "إنَّ مِن أشد النَّاسِ بَلاَءً الأنبِيَاءَ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ َيلُونَهُمْ" وقد روى أحمد والبخاري والترمذي، وابن ماجه، عن سعد مرفوعًا " أشد النَّاس بلاءً الأنبياء ثُمَّ الأَمثَلُ [فالأمثل] يُبْتَلى الَّرجُلُ على حَسَبِ دينه فَإنْ كَانَ في دِينِه صَلبًا اشْتَدَّ بَلاؤه وإن
1 / 12