وهذا التقسيم يقول به جمع، كالعز بن عبد السلام والنووي وغيرهما من أهل العلم يقولون: إن من البدع ما هو محمود، ومن البدع ما هو مذموم، بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، بدعة واجبة، وبدعة مستحبة، وبدعة محرمة ... إلى آخره.
النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((كل بدعة ضلالة)) ومقتضى الإيمان بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ألا يعبد الله إلا بما شرع، فما يشرعه غير النبي -عليه الصلاة والسلام- مردود عليه، اللهم ما نستثني من ذلك إلا الخلفاء الراشدين الذين أمرنا النبي -عليه الصلاة والسلام- باقتفاء سنتهم، وإن قال بعض الشراح: "والبدعة بدعة وإن كانت من عمر" لأنه لما قال عمر -رضي الله تعالى عنه-: "نعمت البدعة" رد عليه، قال: "البدعة بدعة وإن كانت من عمر" نقول: هذا الكلام فيه سوء أدب مع هذا الصحابي الجليل الذي أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- باتباع سنته، وأغرانا بذلك.
عمر -رضي الله تعالى عنه- لما قال: "نعمت البدعة" هل هذا محادة لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كل بدعة ضلالة))؟ حاشا وكلا، عمر -رضي الله تعالى عنه- حينما قال: "نعمت البدعة" قاله على سبيل المشاكلة، كأن قائلا قال له: يا عمر ابتدعت، فقال: "نعمت البدعة هذه" فهو أجابه بنحو كلامه، والمشاكلة قد تكون في الكلام المحقق، وقد تكون في الكلام المقدر، قد تكون في الكلام المحقق {وجزاء سيئة سيئة مثلها} [(40) سورة الشورى] ذكر اللفظان الأول سيئة بلا شك، الجناية سيئة، لكن معاقبة الجاني سيئة وإلا حسنة؟ حسنة، لكنه أطلق عليها سيئة من باب المشاكلة والمجانسة.
قالوا: اقترح شيئا نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا
पृष्ठ 12