إذا كان المراد به تيسير ذلك على طالب العلم في مرحلة من المراحل بحيث يعنى في وقت من الأوقات في أول الأمر بالقرآن مع الصحيحين حتى لا يتشتت فإذا أتقن ذلك انتقل إلى ما وراءها طيب، لكنه ألف في ذلك ودعا إليه وتوبع عليه، فلا شك أن هذا خطأ شنيع، قلنا: يترتب عليه إلغاء كثير من الأحاديث التي ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في غير الصحيحين، ولما قال ابن الأخرم: إنه قل ما فات الصحيحين من الأحاديث الصحيحة رد عليه، ومثله ما قاله النووي في أنه لم يفت الخمسة إلا الشيء القليل، مع أن هذا أوسع دائرة كلام النووي، يقول الناظم -رحمه الله تعالى- كما تقدم في الدورة الماضية:
. . . . . . . . . ولكن قلما ... عند ابن الأخرم منه قد فاتهما
"ورد" يعني هذا القول من ابن الأخرم.
ورد لكن قال يحيى البر ... لم يفت الخمسة إلا النزر
"وفيه ما فيه" كناية عن ضعفه؛ لأنه يوجد في غير الصحيحين والكتب الخمسة .. ، يوجد في غير الكتب الخمسة أحاديث صحيحة كثيرة.
وفيه ما فيه لقول الجعفي: ... أحفظ منه عشر ألف ألف
فالسنة لا شك أنها كثيرة، ولا يحويها كتاب، ولا يحويها مجموعة كتب، بل لا بد من تتبعها، والنظر في أسانيدها ومتونها، وإثبات الثابت منها، ودراستها، والاستنباط منها، هذا أمر لا بد منه.
((فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله -عز وجل-، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه)) يقول: يكفينا كتاب الله، طيب ما الذي في كتاب الله من أحكام الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين؟ مسلم يريد أن يصلي كما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من أين يأخذ أحكام الصلاة؟ نعم يأخذ من القرآن الأمر بها، والأمر بالمحافظة عليها، وبيان بعض الأوقات على سبيل الإجمال لا على سبيل التحديد، يؤخذ أعداد الركعات، وما يقرأ وما يترك وألفاظ الأذكار المشروعة في الصلاة وهيئة الصلاة من أين تؤخذ إنما تؤخذ من السنة، فلا يمكن أن يعرف ما أمر به وكلف به من دين الله -جل وعلا- من الأحكام إلا من خلال السنة.
पृष्ठ 7