مدخل
...
بسم الله الرحمن الرحيم
قال القاضي الإمام أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحسين الزوزني: هذا شرح القصائد السبع أمليته على حد الإيجاز والاقتصار على حسب ما اقتُرح عليّ، مستعينًا بالله على إتمامه.
ذكر رواة أيام العرب أن امرأ القيس بن حُجر بن عمرو الكِندي كان يعشق عنيزة ابنة عمّه شرحبيل، وكان لا يحظى بلقائها ووصالها، فانتظر ظعن١ الحي، وتخلّف عن الرجال حتى إذا ظعنت النساء سبقهن إلى الغدير المسمّى دارَةَ جُلجُل واستخفى ثَمَّ إذ علم أنهن إذا وردن هذا الماء اغتسلن. فلما وردت العذارى اللواتي كانت عنيزة فيهن ونضَون ثيابهن وشرعن في الانغماس في الماء ظهر امرؤ القيس وجمع ثيابهن وجلس عليها، ثم حلف على ألا يدفع إليهن ثيابهن إلا بعد أن يخرجن عاريات، فخاصمنه زمنًا طويلًا من النهار فأبى إلا إبرار قسمه، فخرجت إليه أوقحهن فرمى بثيابها إليها، ثُمّ تتابعن حتى بقيت عنيزة وأقسمت عليه فقال: يا ابنة الكرام لا بدّ لك من أن تفعلي مثل ما فعلن، فخرجت إليه فرآها مقبلة ومدبرة، فلمّا لبسن ثيابهن أخذن في عذله٢، وقلن: قد جوّعتنا وأخرتنا عن الحي.
فقال لهنّ: لو عقرت راحلتي أتأكلن؟
قلن: نعم.
فعقر راحلته ونحرها، وجمعت الإماء الحطب وجعلن يشوين اللحم إلى أن
_________
١ الظعن: الرحيل.
٢ العذلُ: اللوم.
1 / 13