शरह मिश्कात
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)
अन्वेषक
د. عبد الحميد هنداوي
प्रकाशक
مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
प्रकाशक स्थान
الرياض
शैलियों
٩ - وعن العباس بن عبد المطلب، قال: قال رسول الله ﷺ: (ذاق طعم الإيمان من
رضى الله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدً رسولا) رواه مسلم.
ــ
إنما جعل هذه [كذا] الأمور الثلاثة عنوانًا لكمال الإيمان المحصل لتلك اللذة لأنه لا يتم إيمانه امرئ
حتى يتمكن في نفسه أن المنعم والقادر على الإطلاق هو الله (تعالى) ولا مانح ولا مانع سواه،
وما عداه وسائط لها، وأن الرسول ﷺ هو العطوف الحقيقي الساعي في إصلاح شأنه، وإعلاء
مكانه، وذلك يقتضي أن يتوجه بشراشره نحوه، ولا يحب ما يحبه إلا لكونه وسطًا بينه
وبينه، وأن يتيقن أن جملة ما وعد به وأوعد حق لا يحوم الريب حوله، فيتيقن أن الموعود
كالواقع، وأن بما ينول إليه الشيء كملابسه، فيحسب مجالس الذكر رياض الجنة، وأكل مال
اليتيم أكل النار، والعود إلى الكفر الإلقاء في النار، فيكره أن يلقى في النار.
فإن قيل: لم ثنى الضمير ههنا؟ ورد على الخطيب (ومن عصاهما فقد غوى) في حديث
عدى بن حاتم ﵁ وأمره بالإفراد؟ والجواب: ثنى الضمير ههنا إيماء إلى أن المعتبر
هو المجموع المركب من المحبتين، لا كل واحدة فإنها وحدها ضائعة لا غية، وأمر بالإفراد في
حديث عدى ﵁ إشعارًا بأن كل واحد من العصيانين مستقل باستلزام الغواية، فإن
قوله: (ومن عصى الله ورسوله) من حيث أن العطف في تقدير التكرير، والأصل فيه استقلال
كل من المعطوف والمعَطوف عليه في الحكم في قولنا: ومن عصى الله فقد غوى، ومن عصى
الرسول فقد غوى.
وأقول: هذا كلام حسن متين، ويؤيده الكتاب والسنة، أما الكتاب فقوله (تعالى): (قل إن
كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) حيث أوقع متابعته ﷺ مكتنفة بين نظري محبة العباد لله
ومحبة الله للعباد. وقوله (تعالى): (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) لم يعد
(أطيعوا) في (أولى الأمر منكم) كما أعاد في (أطيعوا الرسول)؛ ليؤذن بأنه لا استقلال لهم في
الطاعة استقلال الرسول ﷺ. وأما السنة فما روى الترمذي وأبو داود وابن ماجة عن المقدام بن
معديكرب ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا
يوشك رجل شعبان على أريكته، ويقول: عليكم بهذا القرآن).
الحديث السابع عن العباس ﵁:قوله: (ذاق طعم الإيمان) (قال الراغب:
الذوق وجود الطعم في الفم، وأصله فيما يقل تناوله، فإذا كثر يقال له: الأكل، فاستعمل في
ــ
2 / 445