शरह मिश्कात

शरफ दीन तिबी d. 743 AH
118

शरह मिश्कात

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

अन्वेषक

د. عبد الحميد هنداوي

प्रकाशक

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

प्रकाशक स्थान

الرياض

शैलियों

٨٠ - وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس» رواه مسلم [٨٠]. ــ غير أنه يرضى الإيمان والطاعة، ووعد عليهما الثواب، ولا يرضى الكفر والمعصية، وأوعد عليهما العقاب، قال الله تعالى: ﴿ويُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ويَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾. والقدر سر من أسرار الله تعالى لم يطلع عليه ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، لا يجوز الخوض فيه والبحث عنه بطريق العقل، بل يعتقد أن الله تعالى خلق الخلق فجعلهم فريقين: أهل يمين خلقهم للنعيم فضلا، وأهل شمال خلقهم للجحيم عدلا، قال الله تعالى: ﴿ولَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الجِنِّ والإنسِ﴾ وقد: سأل رجل علي بن أبي طالب ﵁ فقال: يا أمير المؤمنين! أخبرني عن القدر، قال: طريق مظلم لا تسلكه. فأعاد السؤال، فقال: سر الله قد خفي عليك فلا تقتشه. الحديث الثاني عن ابن عمر ﵁: قوله: «كل شيء بقدر» والقدر بالفتح والسكون يا يقدره الله من القضاء، وبالفتح اسم لما صدر مقدورا على فعل القادر، كالهدم لما صدر عن فعل الهادم، يقال: قدرت الشيء خفيفة وثقيلة بمعنى فهو قدر أي مقدور، والتقدير تبيين الشيء. قوله: «حتى العجز والكيس» قوبل الكيس بالعجز على المعنى؛ لأن المقابل الحقيقي للكيس البلادة، وللعجز القوة، وفائدة هذا الأسلوب تقييد كل من اللفظين بما يضاد الآخر، يعني: الكيس، والقوة، والبلادة، والعجز من قدر الله، فهو رد على من يثبت القدرة لغير الله مطلقا، ويقول: إن أفعال العباد خيرها وشرها مستندة إلى قدرة العبد واختياره؛ لأن مصدر الفعل الداعية، ومنشأها القلب الموصوف بالكياسة والبلادة، ثم القوة والضعف، ومكانهما الأعضاء والجوارح إذا كانت بقدر الله وقضائه، فأي شيء يخرج منهما. «تو»: «الكيس» جودة القريحة، وإنما أتى به في مقابلة العجز؛ لأنه هو الخصلة التي تفضي بصاحبها إلى الجلادة، وإتيان الأمور من أبوابها، وذلك نقيض العجز؛ ولهذا المعنى كنوا به عن الغلبة فقالوا: كايسته فكسته أي غلبته، والعجز ها هنا عدم القدرة، وقيل: ترك ما يجب عيه فعله بالتسويف والتأخير له. و«العجز، والكيس» يروى بالرفع فيهما عطفا على «كل» وبالخفض على «شيء»، والأوجه أن يكون «حتى» في الكسر حرف خفض بمعنى إلى، ومعنى الحديث يقتضي الغاية؛ لأنه أراد بذلك أن اكتساب العباد وأفعالهم كلها بتقدير خالقها، حتى الكيس الذي يوصل صاحبه إلى البغية، والهجز الذي يتأخر به عن درك البغية.

2 / 530