بقدر ما هي محتاجة إليه من الكمال وشرفه وعزته، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب (1).
الكلمة الرابعة عشر قوله عليه السلام: نعمة الجاهل كروضة في مزبلة.
أقول: النعمة في الأصل هي المال وقد كثر استعماله حتى قيل في كل كمال يلحق الانسان انه نعمة اما بحسب الاشتراك اللفظي أو المعنوي والروضة مستنقع الماء ومنبت الخضر، والمزبلة موضع الزبل ومرماه والمقصود الذاتي من هذه الكلمة بيان ان الجاهل وان حصل على النعمة (2) الدنياوية بأجمعها فهي غير لائقة به وهو غير صالح لان يكون محلا لها ومع ذلك فلابد ان تزول عنه وتقرير ذلك أن النعمة قد تكون نعمة باقية وهي الكمال النفساني، وقد تكون نعمة فانية وهي الكمال البدني، وعلى التقديرين فقد تحصلان معا للانسان الواحد وقد يخلو منهما وقد يحصل له إحداهما دون الأخرى والأول آخذ بطرفي السعادتين، هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب، وان له عندنا لزلفى وحسن مآب (3)، والثاني حاصل على خسران الصفقتين، خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين (4)، والثالث ان حصل على النعمة الباقية فهو في عيشة راضية في جنة عالية (5)، وان اشتمل على النعمة الفانية فقط فأمه هاوية (6)، الذي جمع مالا وعدده * يحسب أن ماله أخلده * كلا لينبذن في الحطمة (7)، والإشارة في هذه الكلمة إلى صاحب هذه النعمة.
واما تشبيهه عليه السلام لهذه النعمة بالروضة الكائنة في المزبلة فبيانه من وجهين:
पृष्ठ 75