شرح متن أبي شجاع - محمد حسن عبد الغفار
شرح متن أبي شجاع - محمد حسن عبد الغفار
शैलियों
أقوال الشافعية في شعر الميتة وعظمها وعصبها
قال: [وعظم الميتة وشعرها نجس إلا الآدمي] للشافعية في عظم الميتة وشعرها وعصبها ثلاثة أقوال: الأول: عموم النجاسة للعظم والشعر والعصب، واستدلوا على ذلك بعموم قول الله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ﴾ [المائدة:٣]، فتحريم ما لا حرمة فيه دال على نجاسته، قلنا: الآدمي أيضًا له حرمة، فقالوا: وعموم قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ﴾ [البقرة:١٧٣] فالآدمي يسمى ميتة فيدخل تحت عموم الآية، واستدلوا بحديث جابر: (أن النبي ﷺ نهى عن بيع الأصنام والخمر والميتة)، قالوا: والعلة في نهيه عن البيع: النجاسة.
القول الثاني: قالوا: كل العظم والشعر والعصب نجس في كل ميتة سوى الآدمي، واستدلوا بعموم الأدلة التي استدل بها أصحاب القول الأول، وخصصوا الآدمي بقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ [الإسراء:٧٠]، فقالوا: التكريم دلالة على عدم النجاسة؛ لأن النجس غير مكرم.
فإذًا: التكريم دلالة على الطهارة.
واستدلوا بحديث أبي هريرة ﵁ وأرضاه الذي فيه: (أنه مر على النبي ﷺ وكان جنبًا فانخنس، فبعد أن ذهب واغتسل رجع إلى النبي ﷺ، فسأله النبي ﷺ: أين كنت يا أبا هر؟ فقال له أبو هريرة: كنت جنبًا فاستحييت أن أجلس معك وأنا على جنابة، فقال النبي ﷺ: سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس)، ووجه الدلالة: عموم لفظ قول النبي ﷺ: (إن المؤمن لا ينجس)، وابن حزم فقط هو الذي أخذ بالمفهوم وقال: إن أهل الكتاب أو الكفار كلهم أنجاس حسيًا ومعنويًا.
فقول النبي ﷺ: (المؤمن لا ينجس)، يعني: حيًا كان أو ميتًا، فاستدلوا بهذا الحديث على أن الآدمي لا ينجس عظمًا وشعرًا وجلدًا ولحمًا وكل شيء.
القول الثالث: إن عظم الميتة وشعرها وعصبها على الطهارة كلها، واستدلوا بأدلة ستأتي، لكن الصحيح الراجح في المذهب: أن عظم الميتة وشعرها وعصبها نجس وليس بطاهر، سوى ميتة الآدمي؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء:٧٠]، ومن تمام التكريم أن يكون طاهرًا حيًا وميتًا، وأيضًا عموم قول النبي ﷺ: (سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس)، فهذا فيه دلالة أنه طاهر ميتًا كان أو حيًا.
وثمرة هذه المسألة: أنك لو وجدت ميتة ووجدت فيها شعرًا؛ فإنه يجوز لك أن تستخدم هذا الشعر في حشو لرداء أو جاكت، هذا على القول بأن شعر الميتة طاهر، لكن نقول: الشعر لا يجوز استعماله لعموم الأدلة بنجاسة الميتة، أما الجلد فلا يصح استعماله إلا بعد الدباغ.
10 / 3