160

شرح متن أبي شجاع - محمد حسن عبد الغفار

شرح متن أبي شجاع - محمد حسن عبد الغفار

शैलियों

دليل فرضية الترتيب
الفرض الأخير في الوضوء: الترتيب، ومعنى الترتيب: أن تتوضأ وتبدأ بما بدأ الله به، وتنتهي بما انتهى به، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة:٦] وهذا ترتيب رتبه الله جل في علاه، وهذا الترتيب رتبه النبي ﷺ بفعله.
والدلالة على أن الترتيب فرض أدلة ثلاثة: الدليل الأول: ديمومة فعل النبي ﷺ، فلا أحد وصف لنا وضوء النبي ﷺ إلا وذكر في وصفه أنه غسل يديه ثم مضمض واستنشق ثم غسل الوجه ثم غسل اليدين، ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين، فديمومة فعل النبي ﷺ تدل على الوجوب.
فإن قال قائل: الأصل في الفعل الاستحباب، ف
الجواب
أن القاعدة أن بيان الواجب واجب، فالنبي يبين لنا أمر الله جل في علاه، في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة:٦]، والنبي ﷺ يترجم لنا هذه الأوامر فعلًا، والاستدلال بالفعل هنا بقرينة أنه بيان للواجب، ولم نستدل بأصل الفعل، بل استدللنا بأن هذا الفعل بيان لأمر من أوامر الله، والأمر واجب وبيان الواجب واجب.
الدليل الثاني: قول النبي ﷺ في النسك عندما صعد على الصفا وقرأ قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة:١٥٨] قال: (أبدأ بما بدأ الله به)، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والله بدأ بغسل اليد وانتهى بالرجل، فنبدأ بما بدأ الله به.
الدليل الثالث: أن الله جل في علاه أدخل ممسوحًا بين مغسولين، وفي لغة العرب أن هذا لا يمكن أن يأتي إلا لأمر مهم، والأمر المهم هنا هو الترتيب، فالرأس ممسوح ذكر بين مغسولين وهما اليد والرجل، وهذه دلالة واضحة جدًا على أن الترتيب فرض من فروض الوضوء.

14 / 28