शरह मकासिद
شرح المقاصد في علم الكلام
प्रकाशक
دار المعارف النعمانية
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
1401هـ - 1981م
प्रकाशक स्थान
باكستان
शैलियों
وثانيهما في أن الخلاء ممكن أو ممتنع قال المقام الأول احتج القائلون بكون المكان هو السطح بأنه لا يعقل منه إلا البعد أو السطح والأول باطل لوجوه الأول أنه لو كان هو البعد فإما أن يكون متوهما مفروضا على ما هو رأي المتكلمين وهو باطل لأن المكان موجود ضرورة أواستدلالا بأنه يقبل التساوي والتفاوت حيث يقال مكان هذا مساو لمكان ذاك أو زائد عليه أو ناقص عنه نصف له أو ثلث أو ربع أو غير ذلك وبأنه يقبل الإشارة الحسية وانتقال الجسم منه وإليه حيث يقال انتقل الجسم من هذا المكان إلى ذاك والاتصاف بالصغر والكبر والطول والقصر والقرب والبعد والاتصال والانفصال إلى غير ذلك ولا شيء من العدم المحض والنفي الصرف كذلك وإما أن يكون متحققا موجودا على ما هو رأي أفلاطون ومن تبعه وهو أيضا باطل لأنه إن كان قابلا للحركة الأينية التي هي الانتقال من مكان إلى مكان لكان له مكان وينقل الكلام إليه ليلزم ترتب الأمكنة لا إلى نهاية وهو محال لما مر في إبطال التس ولأن جميع الأمكنة الغير المتناهية لكونها من جنس البعد على ما هو المفروض يكون قابلا للحركة مفتقرا إلى المكان فيلزم أن يكون ذلك المكان داخلا في جملة الأمكنة لكونه واحدا منها وأن يكون خارجا عنها لكونه طرفا لها وذلك محال وإن لم يكن ذلك البعد الذي هو المكان قابلا للحركة لزم أن لا يكون الجسم قابلا للحركة لأنه ملزوم للبعد المنافي لقبول الحركة وملزوم في الشيء مناف لذلك الشيء الثاني أن المكان لو كان هو البعد وهو موجود ضرورة أو استدلالا لزم من تمكن الجسم في المكان تداخل البعدين أي نفوذ البعد القائم به في البعد الذي هو مكانه لأن هذا معنى التمكن عندهم واللازم باطل للقطع بأنه ليس في الإناء المملوء من الماء إلا بعد واحد ولأنه يستلزم اجتماع المثلين أعني البعدين في محل واحد هو التمكن ولأنه يستلزم ارتفاع الإمكان عن البديهيات ككون هذا البعد ذراعا واحدا مثلا لجواز أن يكون ذراعين أو أكثر تداخلا وككون المتمكن مساويا بمكانه في المقدار لجواز أن يكون بعد أحدهما أزيد من الآخر حصل من تداخلهما هذا المقدار المشاهد وكل ذلك منتف بالاتفاق الثالث أن البعد في نفسه إما أن يفتقر إلى المحل فيمتنع تجرده عن المادة على ما تدعونه في البعد الذي هو المكان وإما أن يستغنى عنه فلا يحل في المادة على ما هو شأن البعد القائم بالجسم لأن معنى حلول العرض في المحل اختصاصه به بحيث يفتقر إليه في التقوم فلا يرد ما قيل أنه يجوز أن لا يفتقر في نفسه إلى المحل ويعرض له الحلول فيه وأجيب عن الكل بأنه يجوز أن يكون البعد القائم بالجسم مخالفا بالماهية للبعد المفارق وإن اشتركا في ذاتي أو عرضي هو مطلق البعد فلا يمتنع اختصاصه بقبول الحركة واقتضاء المحل واختصاص البعد المفارق بإمكان النفوذ فيه ولا يكون اجتماعهما من اجتماع المثلين على أن ما ذكر من تعدد البعدين في المتمكن واجتماع المثلين ليس بمستقيم لأن أحدهما في المتمكن والآخر فيه المتمكن قال حجة البعد احتج القائلون بكون المكان هو البعد بأنه لو كان هو السطح لزم انتفاء أمور يحكم بديهة العقل بثبوتها منها مساواة المكان للمتمكن فإن الشمعة المدورة إذا جعلناها صفحة رقيقة كان السطح المحيط بها أضعاف المحيط بالمدورة وإذا جعلنا الصفحة مدورة كان السطح المحيط بها أقل من المحيط بالصفحة مع أن الجسم في الحالين واحد وكما إذا جعلنا في المكعب نقرة عميقة يزيد السطح المحيط به مع انتقاص الجسم ومنها كون كل جسم في مكان مع أن الجسم المحيط بالكل لا يحويه جسم ليكون سطحه الباطن مكانا له ومنها سكون الطير الواقف في الهواء عند هبوب الرياح فإنه يتبدل عليه السطوح المحيطة به مع أن تبدل الأمكنة إما نفس الحركة الأينية أو ملزوم لها ومنها حركة القمر الدائر لأن السطح المحيط به من فلكه واحد لا يتبدل وعدم تبدل المكان ملزوم السكون لأن تبدله لازم الحركة أو نفسها ومنها بقاء المكان الذي خرج منه زيد مع أنه قد ملأه الهواء فلم يبق ما كان فيه من السطح المحيط بزيد ومنها كون كل جزء من أجزاء الجسم في حيز مع أن الأجزاء الباطنة من الماء مثلا لا تكون في سطح من الهواء إلا بطريق التبعية والتجوز كما يقال الماء في الفلك ومنها عدم توقف الحكم بكون الجسم ههنا أو هنالك على أنه هل يحيط به جسم أو لا ومنها أنا نتصور جسما لا يماسه شيء بل يوجد وحده مع امتناع أن نتصور جسما لا يكون في حيز ومنها أنا نقطع بأن كلا من القطب الجنوبي والشمالي في حيز آخر وأن كل نقطة على سطح الفلك المحيط تتحرك بحركته من موضع إلى موضع وبالجملة فهذه وأمثالها أمارات تفيد قوة الظن بأن المكان هو البعد لا السطح وإن كان للمناقشة مجال في استحالة بعض اللوازم أو في لزومها على مالا يخفى قال المقام الثاني المتنازع هو الخلاء بمعنى فراغ لا يشغله شاغل سواء سمي بعدا أو لم يسم وسواء جعل متحققا موجودا أو موهوما فإن قيل فما معنى القول بإمكانه عند من يجعله نفيا محضا وعدما صرفا لا يتحقق أصلا قلنا معناه أنه يمكن أن يكون الجسمان بحيث لا يتماسان ولا يكون بينهما ما يماسهما احتج القائلون بإمكان الخلاء بوجوه
الأول لو فرضنا صفحة ملساء فوق أخرى مثلها بحيث يتماس سطحاهما المستويان ولا يكون بينهما جسم أصلا ورفعنا إحداهما عن الأخرى دفعة ففي أول زمان الارتفاع يلزم خلو الوسط ضرورة أنه إنما يمتلئ بالهواء الواصل إليه من الخارج بعد المرور بالأطراف والمقدمات أعني إمكان الصفحة الملساء أي الجسم الذي له سطح مستو ليس فيه ارتفاع وانخفاض ولا انضمام أجزاء من غير اتصال واتحاد وكون التماس بين السطحين لا بين أجزاء لا تتجزأ من الجانبين وإمكان رفع العليا من السفلى دفعة بحيث لا يكون ارتفاع أحد الجانبين قبل ارتفاع الآخر ليلزم التفكك وعدم حصول الهواء في الوسط عند الارتفاع بخلق الله تعالى أو بالوصول إليه من المنافذ والمسام بين أجزاء لا تتجزأ مسلمة عندهم مبنية على أصولهم وأجيب بمنع إمكان ارتفاع العليا من السفلى حينئذ بل هو عندنا محال جاز أن يستلزم محالا ولو سلم إمكان الارتفاع في الجملة فإن أريد بكونه دفعة كونه في آن لا ينقسم أصلا فلانم إمكانه كيف والارتفاع حركة تقتضي زمانا وإن أريد كون حركة جميع الأجزاء معا لئلا يلزم التفكك فلانم استلزامه للخلاء فإنه حركة لها زمان يجوز أن يمر الهواء من الأطراف إلى الوسط في ذلك الزمان ففي الجملة الخصم بين منع اللزوم ومنع إمكان الملزوم ولا يتم المطلوب إلا بثبوتهما نعم لو جعل الملزوم هو اللاوصول أعني لا مماسة السطحين الحاصلة عند الارتفاع إلزاما لمن يقول بكون اللاوصول آنيا بتعين منع إمكان الملزوم
पृष्ठ 196