227

शरह मकासिद

شرح المقاصد في علم الكلام

प्रकाशक

دار المعارف النعمانية

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1401هـ - 1981م

प्रकाशक स्थान

باكستان

الثاني أنه قادر أي فاعل بالقصد والاختيار لما مر ولا يتصور ذلك إلا مع العلم بالمقصود فإن قيل قد يصدر عن الحيوانات العجم بالقصد والاختيار أفعال متقنة محكمة في ترتيب مساكنها وتدبير معايشها كما للنحل والعنكبوت وكثير من الوحوش والطيور على ما هو في كتب مسطور وفيما بين الناس مشهور مع أنها ليست من أولى العلم قلنا لو سلم أن موجد هذه الآثار هو هذه الحيوانات فلم لا يجوز أن يكون فيها من العلم قدر ما يهتدي إلى ذلك يخلقها الله تعالى عالمة بذلك أو يلهمها هذا العلم حين ذلك الفعل ثم المحققون من المتكلمين على أن طريقة القدرة والاختيار أوكد وأوثق من طريقة الإتقان والأحكام لأن عليها سؤالا صعبا وهو أنه لم لا يجوز أن يوجد الباري موجودا تستند إليه تلك الأفعال المتقنة المحكمة ويكون له العلم والقدرة ودفعه بأن إيجاد مثل ذلك الموجود وإيجاد العلم والقدرة يكون أيضا فعلا محكما بل أحكم فيكون فاعله عالما لا يتم إلا ببيان أنه قادر مختار إذ الإيجاب بالذات من غير قصد لا يدل على العلم فيرجع طريق الإتقان إلى طريق القدرة مع أنه كاف في إثبات المطلوب وقد يتمسك في كونه عالما بالأدلة السمعية من الكتاب والسنة والإجماع ويرد عليه أن التصديق بإرسال الرسل وإنزال الكتب يتوقف على التصديق بالعلم والقدرة فيدور وربما يجاب بمنع التوقف فإنه إذا ثبت صدق الرسل بالمعجزات حصل العلم بكل ما أخبروا به وإن لم يخطر بالبال كون المرسل عالما والظاهر أن هذا مكابرة نعم يتجه ذلك في صفة الكلام على ما صرح به الإمام قال وعند الفلاسفة ورد من استدلالهم على علم الباري وجهان

الأول أنه مجرد أي ليس بجسم ولا جسماني لما مر وكل مجرد عاقل أي عالم بالكليات لما وقعت الإشارة إليه في مباحث المجردات من أن التجرد يستلزم التعقل وبيانه أن التجرد يستلزم إمكان المعقولية لأن المجرد بريء عن الشوائب المادية واللواحق الغريبة وكل ما هو كذلك لا يحتاج إلى عمل يعمل به حتى يصير معقولا فإن لم يعقل كان ذلك من جهة القوة العاقلة لا من جهته وإمكان المعقولية يستلزم إمكان المصاحبة بينه وبين العاقل إياه وهذا الإمكان لا يتوقف على حصول المجرد في جوهر العاقل لأن حصوله فيه نفس المصاحبة فيتوقف إمكان المصاحبة على حصول المجرد فيه توقف إمكان الشيء على وجوده المتأخر عنه وهو محال فإذن المجرد سواء وجد في العقل أو في الخارج يلزمه إمكان مصاحبة المعقول ولا معنى للتعقل إلا المصاحبة فإذن كل مجرد يصح أن يعقل غيره وكل ما يصح للمجرد وجب أن يكون بالفعل لبراءته عن أن يحدث فيه ما هو بالقوة لأن ذلك شأن الماديات ولا خفاء في ضعف بعض هذه المقدمات وفي أنه لو صح أن مصاحبة المجرد للمعقولات في الوجود تعقل لها لكفى ذلك في إثبات المطلوب من غير احتياج إلى سائر المقدمات

पृष्ठ 88