शरह मकासिद

Saad al-Din al-Taftazani d. 792 AH
170

शरह मकासिद

شرح المقاصد في علم الكلام

प्रकाशक

دار المعارف النعمانية

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1401هـ - 1981م

प्रकाशक स्थान

باكستان

قد اتفقوا على أنه إذا اعتبرت الأنواع كان أعدل الأمزجة أي أقربها إلى الاعتدال الحقيقي مزاج نوع الإنسان لأن متعلق للنفس الناطقة الأشرف فلا بد أن يكون أشرف أي أقرب إلى الوحدة الحقيقية وأبعد عن التضاد والكثرة ولأنه أحوج الأنواع إلى الأفعال المتقنة التي تعين على بعضها الحرارة كالهضم وعلى بعضها البرودة كالإمساك وعلى بعضها اليبوسة كالحفظ وعلى بعضها الرطوبة كالإدراك واختلفوا في أعدل الأصناف بالنظر إلى أوضاع العلويات فقال ابن سينا سكان خط الاستواء أي الموضع الموازي لمعدل النهار وذلك لتشابه أحوالهم في الحر والبرد لتساوي ليلهم ونهارهم دائما ولأنه ليس صيفهم شديد الحر لأن الشمس تزول عن سمت رأسهم بسرعة لما تقرر في موضعه من أن حركتها في الميل أعني البعد عن معدل النهار أسرع عند الاعتدالين وأبطأ عند الانقلابين ولا شتاؤهم شديد البرد لأن الشمس لا تبعد عن سمتهم كثيرا فلا يعظم التفاوت بين صيفه وشتائه ومع ذلك فمدة كل منهما قصيرة وهي شهر ونصف لما مر من كون الفصول هناك ثمانية فالشمس لا تسامتهم عن بعد كثير بل عن قرب من المسامتة فهم دائما متنقلون من حالة متوسطة إلى ما يشابهها فكأنهم في الربيع دائما واستدل بعضهم على فساد هذا الرأي بوجهين أحدهما أن الشمس تسامت رؤسهم في السنة مرتين ثم لا تبعد عن المسامتة بأكثر من ثلاثة وعشرين جزأ ونصفا على ما هو غاية الميل الكلي فهم دائما في المسامتة أو في القرب منها فتكون حرارتهم مفرطة لأن قرب المسامتة في زمان يسير كما في الصيف عندنا مع تقدم برد الشتاء المخرج للهواء عن استعداد التسخن مسخن جدا فهذا أولى وجوابه أن مسامتتهم لسرعة زوالها أقل نكاية وتسخينا للهواء من المسامتة أو القرب منها في البلاد ذوات العروض لأن قرب المسامتة يبقى هناك أياما كثيرة ويكون النهار أطول من الليل طولا ظاهرا والسبب الدائم وإن ضعف قد يكون أكثر تأثيرا من غير الدائم وإن قوي كالحديد في نار لينة مدة وفي نار قوية لحظة وثانيهما أن زمان وصول الشمس إلى أول السرطان شتاء لخط الاستواء لكون الشمس على غاية البعد عن سمت رأسهم وصيف لبقعة عرضها سبعة وأربعون ضعف الميل الكلي كبلدة سراي لكونها على غاية القرب عنها مع أن بعدها عن سمت رأس البقعتين على السواء فيكون حر شتاء خط الاستواء كحر صيف هذه البلدة بل أكثر إذا تأملت لأن ما قبل هذه الحالة لهم من أسباب السخونة ولأهل البلدة من أسباب البرودة وإذا كان حر شتائهم هذا فأظنك بحر صيفهم وجوابه منع تشابه حر الفصلين في البقعتين وإنما يلزم لو انحصر سبب الحر في قرب الشمس من سمت الرأس وهو محال فيجوز أن يشتد حر صيف البلدة المفروضة بسبب تزايد طول النهار على الليل إلى الضعف تقريبا لأن طول نهارها يبلغ ست عشرة ساعة تقريبا وقصر ليلها ثماني ساعات كذلك بخلاف خط الاستواء فإن الليل والنهار فيه دائما على السواء فيتعادل الحر والبرد وأيضا المألوف لا يؤثر فلعل أهل خط الاستواء لا يفهم بالحر لا تتأثر أمزجتهم ولا تتسخن من حر مسامتة الشمس ويستبر دون الهواء عند بعد المسامتة أعني كون الشمس في الانقلابين فيبقى الاعتدال بخلاف البلدة المفروضة فإن الحر يشتد على جسمهم ويؤثر فيهم لعدم الفهم به ولانتقالهم إليه من شدة البرد وإن كان على التدريج ولا يخفى على المنصف ضعف هذا الجواب وكذا إسناد حر البلدة إلى الأسباب الأرضية وأما الجواب عن احتجاج ابن سينا على كون سكان الاستواء أقرب الأصناف إلى الاعتدال الحقيقي بالنظر إلى أوضاع العلويات فهو أن تشابه الأحوال بمعنى أنه لا يطرأ عليهم تغير يعتد به ولا تلحقهم نكاية من حر أو برد لا يفيد المطلوب أعني قربهم من الاعتدال الحقيقي الذي تساوى فيه الكيفيات لجواز أن يكون البالغ في الحرارة والبرودة المألوفة كذلك وذهب جمع من الأوائل وكثير من المتأخرين إلى أن أعدل الأصناف سكان الإقليم الرابع استدلالا بالآثار كما هو مذكور في المتن غني عن الشرح وفيه إشارة إلى دفع اعتراضين أحدهما أن كثرة التوالد والتناسل وتوفر العمارات وغير ذلك من الكمالات إنما يتبع الاعتدال العرضي الذي هو توفر القسط الأليق من الكيفيات لا الحقيقي الذي هو تساويها وفيه النزاع ودفعه أن المعتدل الفرضي كلما كان إلى المعتدل الحقيقي أقرب وبالواحد المبدأ أنسب كان بإفاضة الكمال أجدر فيتم الاستدلال بزيادة الكمال على زيادة القرب من الاعتدال الحقيقي على ما هو المطلوب وثانيهما أن قلة الكمالات في خط الاستواء وكثرتها في الإقليم الرابع يجوز أن يكون عائدة إلى الأسباب الأرضية دون أوضاع العلويات ودفعه أن الحدس يشهد بما ذكرنا ويحكم ببطلان أن لا يوجد في خط الاستواء وهو أربعة آلاف فرسخ بقعة خالية عن الموانع الأرضية ولا في الإقليم الرابع على كثرة بلادها بلدة خالصة للأسباب العلوية فإن قيل إذا صح الاستدلال على اعتدال الإقليم الرابع بكونه وسطا بين الأقاليم بعيدا عن الفجاجة الشمالية والاحتراق الجنوبي فأولى أن يستدل على اعتدال خط الاستواء بكونه على حاق الوسط من الشمال والجنوب قلنا التوسط ههنا توسط بين ما هو من أسباب الحر والبرد أعني قرب المسامتة وبعدها بخلاف التوسط بين القطبين فإن نسبة الشمس إليهما على السواء وأهل ذلك الوسط دائما في المسامتة أو القرب منها وإنما يصح الاستدلال لو كان غاية الحر والبرد تحت نقطتي الجنوب والشمال وليس كذلك

( قال وأما المباحث 8 )

पृष्ठ 372