शरह मकासिद
شرح المقاصد في علم الكلام
प्रकाशक
دار المعارف النعمانية
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
1401هـ - 1981م
प्रकाशक स्थान
باكستان
शैलियों
وثانيهما القول بالظفرة وهو أن يترك المتحرك حدا من المسافة ويحصل في حد آخر من غير محاذاة وملاقاة لما بينهما وحاصله قطع بعض حدود المسافة من غير ملاقاة لأجزائه وح لا يلزم امتناع أن يصل المتحرك إلى غاية ما أو يلحق السريع البطيء وكلا الأمرين باطل بالضرورة أما التداخل فلأن حاصله تساوي الكل والجزء في العظم وأما الطفرة فلأن معناها يؤول إلى قطع مسافة ما من غير حركة فيها وقطع لأجزائها ومن الشواهد الحسية لبطلانها أنا نمد القلم فيحصل خط أسود من غير أن يبقى في خلاله أجزاء بيض وليس ذلك لفرط اختلاط الأجزاء البيض بالسود بحيث لا يمتاز عند الحس لأن الأجزاء الممسوسة أقل من المطفور عنها بكثير بل لا نسبة لها إليها لكونها غير متناهية فينبغي أن يقع الإحساس بالبيض وقد يستدل على نفي التداخل بأنه إن كان بالأسر بمعنى أن يلاقي الجزء بكليته الجزء الآخر بحيث يصير حيزاهما واحدا لم يكن الوسطاني حاجبا للطرفين عن التماس وبقي الإشكال بالنظر إلى الأجزاء المتماسة بل لو وقع ذلك في جميع الأجزاء لم يحصل هناك حجم وتأليف وامتداد في الجهات فلم يحصل الجسم وإن كان لا بالأسر وذلك بأن يلاقي الجزء الجزء ويداخله بشيء دون شيء لزم التجزيء ولو بالفرض مع بقاء الأشكال بحاله واعلم أن النظام لم يقل بتأليف الجسم من أجزاء غير متناهية لكنه لما قال بالجزء ونظر في أدلة نفيه سيما ما تتعلق بلزوم بطلان حكم الحس كتفكك الرحى ونحوه اضطر إلى الحكم بأن كل جزء فهو قابل للانقسام لا إلى نهاية ولما كان من مذهبه أن حصول الأقسام من لوازم قبول الانقسام لزمه القول بلاتناهي الأجزاء فاضطر في قطع المسافة ولحوق السريع البطيء إلى الطفرة فاستمر التشنيع بطفرة النظام وتفكك رحى أهل الكلام فإن قيل المذكور في كتب المعتزلة أن الجسم عند النظام مركب من اللون والطعم والرائحة ونحو ذلك من الأعراض قلنا نعم إلا أن هذه عنده جواهر لا أعراض وتحقيق ذلك على ما لخصناه من كتبهم أن مثل الأكوان والاعتقادات والآلام واللذات وما أشبه ذلك أعراض لا دخل لها في حقيقة الجسم وفاقا وأما الألوان والأضواء والطعوم والروائح والأصوات والكيفيات الملموسة من الحرارة والبرودة وغيرهما فعند النظام جواهر بل أجسام حتى صرح بأن كلا من ذلك جسم لطيف من جواهر مجتمعة ثم أن تلك الأجسام اللطيفة إذا اجتمعت وتداخلت صارت الجسم الكثيف الذي هو الجماد وأما الروح فجسم لطيف هو شيء واحد والحيوان كله من جنس واحد وعند الجمهور كلها أعراض إلا أن الجسم عند ضرار بن عمرو والحسين النجار مجموع من تلك الأعراض وعند الآخرين جواهر مجتمعة تحلها تلك الأعراض فما وقع في المواقف من أن الجسم ليس مجموع أعراض مجتمعة خلافا للنظام والنجار ليس على ما ينبغي والصواب مكان النظام ضرار على ما في سائر الكتب ويمكن أن يقال الكلام فيما هو جسم اتفاقا أعني المتحيز الذي له الأبعاد الثلاثة والنظام يجعله مجموع لون وطعم ورائحة ونحو ذلك مما هو من قبيل الأعراض في الواقع وإن كان هو يسميها جواهر بل أجساما فيوافق النجار في المعنى ويخالف القوم إلا أن الاحتجاج عليهما بأن العرض لا يقوم بذاته بل لا بد من الانتهاء إلى جوهر يقومه ولهما بأن الجواهر متماثلة والأجسام مختلفة فلا تكون جواهر ربما لا ينتظم على رأي النظام حيث يزعم أن كلا من تلك الأمور كالسواد مثلا جسم مؤلف من جواهر متماثلة في أنفسها قائمة بذواتها وإن لم تكن مماثلة لجواهر الآخر كالحلاوة أو الحرارة مثلا وبهذا يظهر أن الاحتجاج بأن الأجسام باقية والأعراض غير باقية لا ينتهض عليه مع أن بقاء الأجسام غير مسلم لديه وأما الجواب بمنع تماثل الجواهر فجدلي لا يتأتى على مذهب المانعين حتى لو قصد الإلزام تم المرام والأقرب منع اختلاف الأجسام بحسب الذات بل بحسب العوارض المستندة إلى إرادة القادر المختار والاختلاف إنما هو مذهب النظام وح يندفع ما ذكر في المواقف من أنه لا محيص لمن يقول بتجانس الجواهر عن أن يجعل جملة من الأعراض داخلة في حقيقة الجسم ليكون الاختلاف عائدا إليها ولا أدري كيف ذهل عما في هذا المخلص من الوقوع في ورطة أخرى هي عدم بقاء الأجسام ضرورة انتفاء الكل بانتفاء الجزء الذي هو جملة الأعراض الغير الباقية باعتراف هذا القائل وقد أشار إليه في تنوير اختلاف الجواهر بذواتها بقوله ولذلك اختلف أن الأعراض لا تبقى والجواهر باقية يعني لو لم تكن الجواهر مختلفة بذواتها لما كانت الأجسام المختلفة محض الجواهر المجتمعة بل مع جملة من الأعراض وحينئذ يلزم عدم بقائها لعدم بقاء الأعراض ولا يخفى أنه كان الأنسب أن يقول والأجسام باقية إلا أنه أراد بالجواهر ما يعم الجوهر الفرد والجسم الذي هو مجموع جواهر مجتمعة ( قال وقطع ما لا يتناهى فيما يتناهى ضلال ) قد يجاب عن أشكال قطع المسافة المعينة بأنه إنما يتوقف على زمان غير متناهي الأجزاء ينطبق كل جزء منها على جزء من الحركة وهو على جزء من المسافة وهذا لا يستلزم عدم تناهي الزمان لأن المحدود من الحركة والزمان يشتمل على أجزاء غير متناهية كالجسم المتناهي وهذا كما أن المسافة المعينة تحتمل عند الفلاسفة الانقسام إلى غير النهاية ولا يمتنع قطعها في زمان متناه مع أن قطعها يتوقف على قطع نصفها ونصف نصفها وهلم جرا إلى ما لا يتناهى وذلك لأن كلا من الحركة والزمان المحدودين أيضا قابل للانقسام إلى غير النهاية ويدفع بأن ما يوجد شيئا فشيئا من بداية إلى نهاية فامتناع كونه غير متناهي العدد معلوم بالضرورة والقول به ضلال عن طريق الحق بخلاف قبوله الانقسام إلى غير النهاية بالمعنى الذي ذكروه على ما مر فإن قيل هذا ليس تمشية لبرهان قطع المسافة بل رجوعا إلى برهان المحصور بين حاصرين قلنا نعم إلا أن هذا لما كان فيما له امتداد طولي فقط كالحركة والزمان في غاية الظهور بين به حال الجسم ( قال وأما الفلاسفة ) يريد أن أدلة نفي الجزء الذي لا يتجزأ على كثرتها ترجع إلى عدة أصول يتفرع على كل منها وجوه من الاستدلال فجعلت بمنزلة الطرق وأشير في عنوان كل منها إلى وجه الضعف ومورد المنع فمنها ما يبتنى على أن تعدد جهات الشيء ونهاياته تستلزم الانقسام في ذاته وهي وجوه
الأول أنه لو وجد الجزء أي الجوهر المتحيز الذي لا انقسام فيه أصلا لتعددت جهاته ضرورة فتتعدد جوانبه وأطرافه لأن ما منه إلى اليمين غير ما منه إلى اليسار وكذا الفوق والتحت والقدام والخلف فيلزم انقسامه على تقدير عدم انقسامه وهو محال
الثاني أنه إذا انضم جزء إلى جزء فإما أن يلاقيه بالكلية بحيث لا يزيد حيز الجزئين على حيز الجزء الواحد فيلزم أن لا يحصل من انضمام الأجزاء حجم ومقدار فلا يحصل جسم أو لا بالكلية بل بشيء دون شيء فيكون له طرفان وهو معنى الانقسام
الثالث أنه إذا تماست ثلاثة أجزاء على الترتيب بأن يكون واحد منها بين اثنين فالوسطاني إما أن يمنع الآخرين عن التلاقي والتماس فيكون وجهه الذي يلاقي أحدهما غير الذي يلاقي الآخر فينقسم وإما أن لا يمنعهما فلا يحصل من اجتماع الجزئين حجم ومقدار وهكذا في الثالث والرابع فلا يحصل الحجم
الرابع أنا نفرض صفحة من أجزاء لا تتجزأ بحيث يكون له الطول والعرض فقط فإذا أشرقت عليها الشمس فبالضرورة يكون وجهها المقابل للشمس المضيء بها غير الوجه الآخر فينقسم
الخامس أنه إذا وقع جزء لا يتجزأ على ملتقى جزئين آخرين لزم انقسام الثالث أما الملازمة فلأن التماس بينه وبين كل منهما إنما يكون بالبعض أي يكون شيء منه مماسا لشيء من هذا وشيء آخر مماسا لشيء من ذاك إذ لو ماس أحدهما بالكلية لكان عليه لا على الملتقى وأما بيان حقيقة الملزوم فبوجوه
( 1 ) أن نفرض الجزء على الملتقى وفيه مناقشة لا تخفى
( 2 ) أن يتحرك من جزء إلى جزء فاتصافه بالحركة إنما يكون عند كونه على الملتقى لا على الأول إذ لم تبتدأ الحركة ولا على الثاني إذ قد انقطعت
( 3 ) أن تفرض خطا من أربعة أجزاء فوق الأول جزء وتحت الرابع جزء ثم تفرض مرور الفوقاني والتحتاني على الخط بحركة على السواء مع اتفاق في الابتداء أي تكون الحركتان على حد واحد من السرعة والبطء فيكون ابتداؤهما معا فبالضرورة تتحاذيان على ملتقى الثاني والثالث أي حيث يكون الفوقاني فوق الملتقى والتحتاني تحته
पृष्ठ 300