شرح لمعة الاعتقاد للمحمود

Abdul Rahman bin Saleh Al Mahmoud d. Unknown
97

شرح لمعة الاعتقاد للمحمود

شرح لمعة الاعتقاد للمحمود

शैलियों

إثبات صفة الاستواء لله ﷿ ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [ومن ذلك قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:٥]] . الضمير في قوله: (ومن ذلك) عائد إلى ما سبق قبل قليل، وخاصة إلى قوله: (وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه)؛ لأن صفة الاستواء لله ﷾ التي دل عليها قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:٥] وآيات أخرى قد يخطر ببال الإنسان أن استواء الله على العرش كاستواء المخلوق؛ أو أن الله محتاج إلى العرش كاحتياج الخلق أو كاحتياج الملك أو نحو ذلك. فقال هنا: (ومن ذلك) أي: ومن ذلك الذي نثبته لله ولا يكون شبيهًا بصفات المخلوقين، صفة الاستواء التي دل عليها قوله ﵎: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:٥] . وصفة الاستواء لله ﷾ وردت في سبعة مواضع من القرآن الكريم: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) في سورة (الأعراف) وفي سورة (طه) وفي سورة (الحديد) وفي غيرها من المواضع التي ذكر الله ﷾ فيها استواءه على العرش، وأهل السنة والجماعة يثبتون لله ﵎ صفة الاستواء كما يليق بجلاله وعظمته، وهي دالة على علوه ﵎، ولهذا فسر السلف رحمهم الله تعالى الاستواء بقولهم: إن معنى استوى: علا وارتفع واستقر وصعد، وهذه الصفة التي هي صفة الاستواء دالة على هذه المعاني؛ فإن الله ﵎ عالٍ على خلقه، فهي دالة على صفة العلو لله ﷾ كما سيأتي بعد قليل. كذلك أيضًا صفة الاستواء دالة على أن الله ﷾ متصف بالصفات الفعلية، أي أنه ﷾ مستوٍ على العرش كما يليق بجلاله وعظمته، وأن استواءه ﵎ من صفات فعله، ولهذا فإن استواءه كان بعد خلق السماوات وبعد خلق العرش، ولهذا عبر عنها بقوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الحديد:٤]، وكلمة (ثم) تدل على التأخير؛ فإن الله ﷾ ليس مستويًا على العرش في الأزل؛ وإنما استوى على العرش بعد خلق العرش، وبعد خلق السماوات والأرض، ولهذا قال: ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الفرقان:٥٩]، وهذا الإثبات لهذه الصفة هو إثبات من غير تكييف، ومن غير تمثيل، ومن غير تحريف ومن غير تعطيل، وإنما هو إثبات لصفة الاستواء كما يليق بجلال الله وعظمته.

5 / 6