شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
शैलियों
نزول جبريل ﵇ بالقرآن على النبي ﷺ
ثم قال المصنف: [نزل به الروح الأمين] .
الروح: هو جبريل ﵇، والأمين: وصف لجبريل؛ لأنه كان أمين وحي الله ﷾، ولا شك أنه أمين؛ فإن الله ﷾ استأمنه على الوحي الذي أوحاه إلى رسله عليهم الصلاة والسلام.
قال: [نزل به الروح الأمين، على قلب سيد المرسلين] .
وهو محمد بن عبد الله ﷺ، كما ورد في الآيات الكريمات، أنزله الله على قلب محمد ﷺ، وإنما ذكر القلب هنا؛ لأن القلب هو الذي يعي؛ ولأن النبي ﷺ كان يأتيه الوحي فيأخذه غشيان عظيم يشبه الغيبوبة، فيفصم عنه، فإذا به ﵊ قد وعى كل ما أوحى إليه به جبريل ﵊.
والوحي كان ينزل على النبي ﷺ على صور متعددة، لكن هذا هو الأكثر والأغلب، ولهذا كان الصحابة ﵃ وأرضاهم إذا نزل بالنبي ﷺ الوحي يسترونه، فيضعون عليه أحيانًا لفافًا، وأحيانًا يضعون عليه رداءً؛ لأن الوحي يشتد عليه، ولهذا لما نزل قول الله تعالى: ﴿لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء:٩٥]، نزلت هذه الآية وفخذه على فخذ زيد بن ثابت، قال: (وكانت فخذ رسول الله ﷺ على فخذي، فكادت فخذي أن ترض)، وهذا من شدة ثقل الوحي.
وأحيانًا كان الوحي ينزل على الرسول ﷺ وهو على ناقة فتبرك الناقة، وأحيانًا تضع رقبتها على الأرض وتحكها في التراب حكًا لشدة ثقل الوحي، والله سماه ثقيلًا فقال: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل:٥]، فكان ثقيلًا حتى في تنزله.
وأول مرة نزل الوحي على النبي ﷺ غطه الملك غطة شديدة؛ حتى ظنه ﵊ الموت.
فكان الوحي ينزل على قلب محمد ﷺ، لكن بعد أن ينتهي الوحي ويفصم عنه يكون ﷺ قد وعى جميع ما قال، ولهذا كان بعض الصحابة يحرص ما استطاع أن يرى الرسول ﷺ والوحي ينزل إليه، فبعضهم يقول: قلت لـ عمر بن الخطاب: أريد أن أرى الرسول وهو يوحى إليه، ففي يوم من الأيام كان يوحى إليه، قال: فرفع الستار ونظرت إلى النبي ﷺ وهو يوحى إليه، وقد اشتد عليه الوحي ﵊.
ثم قال المصنف ﵀: [على قلب سيد المرسلين، بلسان عربي مبين] .
وهو ﵊ سيد ولد آدم وسيد الأولين والآخرين.
وقوله: (بلسان عربي مبين) هذا واضح جدًا، كما قال الله ﷾: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [يوسف:٢] .
فالله ﷾ جعل هذا القرآن العظيم بلسان محمد وقومه الذي هو العربية.
7 / 8