شرح كتاب نقد متون السنة للدميني - محمد حسن عبد الغفار

Muhammad Hassan Abdul Ghafar d. Unknown
89

شرح كتاب نقد متون السنة للدميني - محمد حسن عبد الغفار

شرح كتاب نقد متون السنة للدميني - محمد حسن عبد الغفار

शैलियों

نقد حديث (من صلى الضحى يوم الجمعة أربع ركعات) من الأحاديث التي تصادم الأصول الشرعية: (من صلى الضحى يوم الجمعة أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة بالحمد عشر مرات، وقل أعوذ برب الفلق عشر مرات، فمن صلى هذه الصلاة دفع الله عنه شر الليل والنهار، والذي بعثني بالحق إن له من الثواب كثواب إبراهيم وموسى ويحيى وعيسى، ولا يقطع له طريق، ولا يسرق له متاع). فهذا الحديث لا يمكن أن يكون من كلام النبي ﷺ؛ لأن هذا الكلام يصادم أصل كلي وقاعدة كلية من تشريع النبي ﷺ وهي التي تقول: بأن الفاتحة ركن من أركان الصلاة، قال ﷺ: (من لم يقرأ بأم الكتاب فلا صلاة له)، ولم يشرع في حال من الأحوال تكرار الفاتحة أكثر من مرة. وهناك مآخذ على هذا الحديث: المأخذ الأول: أن القواعد الكلية لا تفرق بين المتماثلين ولا تسوي بين المختلفين؛ لأن قدر النبي يختلف عن قدر غيره من البشر، ففي هذا الحديث الباطل التسوية بين الأنبياء وآحاد الناس، وهذا باطل؛ لأن الله جل في علاه بين في أكثر من موضع من كتابه أنه لا يسوي بين المفترقين، قال تعالى: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [القلم:٣٥ - ٣٦]، وقال ﷿: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ [ص:٢٨]، وقال تعالى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام:١]، فالله لا يسوي بين هذا وبين ذاك، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، والله اصطفى من الملائكة رسلًا ومن الناس، فهذا الاصطفاء يدل على الفرق، وهذا الفرق يبين لنا القاعدة الكلية: أن الله لا يسوي بين المفترقين في القدر، ولا يفرق بين المتماثلين. المأخذ الثاني: أن من الأصول العامة: أن لكل مجتهد نصيبًا، ومن طلب العلى سهر الليالي، ومن جد وجد، وقال الشاعر: لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا أي: لابد أن تقمع شهوتك وتصبر على أذى وشدة ولأواء الطلب حتى تصل. فنقول: هذه القاعدة الكلية منبثقة من حديث النبي ﷺ عندما قال: لـ عائشة: (أجرك على قدر نصبك ونفقتك) فجعل النصب -يعني: التعب- كلما ازداد ازدادت حصيلة الحسنات وازداد الأجر، ولذلك كان النبي ﷺ يقوم شكرًا لله حتى تتورم قدماه، ولما قال لـ علي بن أبي طالب: (انظر إلى هذين -إلى أبي بكر وعمر - قال: هما سيدا كهول أهل الجنة، فقال: أفلا أبشرهما؟ فقال له النبي ﷺ: لا، حتى لا تتفطر القدم من العبادة) أو كما قال النبي ﷺ إن صح هذا الحديث. والغرض المقصود أن النبي ﷺ خشي أن يبشر علي أبا بكر وعمر حتى لا يجتهدا اجتهادًا شديدًا في العبادة. فالله جل وعلا ربط الأجر الوفير بشدة الكلفة والنصب: (أجرك على قدر نفقتك ونصبك) فهنا أربع ركعات من آحاد الناس تجعله يساوي فيها إبراهيم ويحيى وزكريا وموسى، هذا كلام لا يمكن أن يقوله النبي ﷺ بحال من الأحوال.

8 / 3