كلام أبي حيان مرات، ولا سيما في مسائل الصرف، إلا أنه لا يقر له عماد، فهو كل حين في اجتهاد.
وأما الرواية بالمعنى، فهي وإن كانت رأي قوم، فقد منعها آخرون منهم مالك ﵁، بل نسب المنع للجمهور من المحدثين والأصوليين والفقهاء كما نقله القرطبي وغيره. وبعد تسليمه، فمن أجازه اشترط له شروطًا مشهورة في علوم الاصطلاح لم تذكر في شيء مما استدل به ابن مالك وغيره، بل قالوا: إنه لا يجوز النقل بالمعنى إلا لمن أحاط بدقائق علم اللغة، وكانت جميع المحسنات الفائقة بأقسامها على ذكر منه، فيراعيها في نظم كلامه، ثم فتح احتمال التغيير والتصرف في التعبير يؤدي إلى خرق بعيد الالتئام، في جميع الأحكام، لأن المخالف يقول لمخالفه المستدل في حكم بلفظ حديث: لعل هذا اللفظ من الراوي. وقالوا: إنه إذا فتح هذا الباب لا يبقى لنا وثوق بحديث ولا اطمئنان لشيء من الآثار الواردة عنه ﷺ، وأوجد المبتدعة مسلكًا للطعن في جميع الأحاديث، وانتقلنا إلى النظر في دلالاتها على العمومات والإطلاقات وغير ذلك مما يترتب على هذا القول من المفاسد العظام. وأما ادعاء اللحن في الحديث فهو باطل، لأنه إن أراد اللحن الذي هو الخطأ في الإعراب بحيث لا يتخرج على وجه من الوجوه، فهذا لا وجود له في شيء من الأحاديث أصلًا، وإن أراد أنه على خلاف الظاهر، كنصب الجزأين بـ: أن ونحوه من الأحاديث
1 / 99