والكلام، واشتهر الكلام لغةً في المركب. قال: واللفظ خاص بما يخرج من الفم، فلا يقال لفظ الله كما يقال كلام الله، والله أعلم.
وقد اشتهر على الألسنة جمع لفظ على ألفاظ، وارتكبه الجماء الغفير من المحققين في الفنون، وفيه أنه مصدر، وقد صرح سيبويه وغيره بأنه لا يجمع، وما ورد من ذلك كالأشغال والحلوم شاذ يقتصر منه على ما سمع، ولا يتجاوزه على ما شحنت به دواوين العربية، إلا أن يجاب عنه بأنه تنوسي فيه معنى المصدرية، وحكم عليه بالاسمية فصار في عدادها كما أومأ إليه في المصباح. فيبقى حينئذ أن «فعلا» الصحيح لم يجمع على أفعال إلا في كلمات شاذة ذكر منها ابن هشام فرخًا وأفراخًا، وزندًا وأزنادًا، حملًا وأحمالا. قيل: ولا رابع لها. وإن ذكر في التصريح كلمات غيرها، وعد منها لفظًا وألفاظًا اغترارًا بما في الصحاح، فإن مثل هذا لا يثبت إلا بنقل صريح، وكثير من الأقدمين لم يتعرضوا له بنفي ولا إثبات، وقد يكون من الخطأ المشهور المفضل على الصواب المهجور، والله أعلم.
و«اللغات» جمع لغة، وقد سبق الكلام فيها مستوفى، والإضافة في «حوشي الألفاظ» من إضافة الصفة إلى الموصوف، والمعنى: أبعدنا عن كتابنا هذه الألفاظ الغريبة المستوحشة واللغات الحوشية المستكرهة لاستثقال النفوس لها وكراهتها في الأسماع والأذواق، ولذلك عيب أقوام من فحول الأدباء بارتكابهم الغرائب والنوادر والوحشيات في نظامهم، وقد بالغ ابن رشيق في العمدة في النكير على مرتكب الغرائب والوحشيات وذمهم حتى قال قصيدته النونية المشهورة التي أولها:
قبح الله صنعة الشعر ماذا ... من صنوف الجهال فيها لقينا
1 / 93