قيل وقال. وقد ألف الإمام جلال الدين السيوطي - رحمه الله تعالى - في فنون اللغة مصنفًا حافلًا سماه المزهر، وذكر فيه من أنواع هذا الفن خمسين نوعًا، استطرد نكتًا لطيفة، وفوائد مهمة شريفة، وملأه بالنقول الغريبة، والمسائل العجيبة، غير أنه أخلاه من المباحث العقلية التي أوجبت الانتقاد عليه في مواضع تعارضت فيها النصوص النقلية، وقد أبديت أسرار ذلك في حاشية سميتها «المسفر عن خبايا المزهر»، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، ومنه سبحانه أستمد المعونة، فهو حسبي ونعم الوكيل.
ولنرجع إلى ما نحن بصدده فنقول: سبق تفسير قوله: «هذا كتاب مختصر في اللغة»، وقوله: (وما يحتاج إليه من غريب الكلام) أقول: ما موصولة في محل جر معطوفة على اللغة، أي كتاب في اللغة وفي الشيء الذي يحتاج إليه، وهو من عطف الخاص على العام، لأن اللغة تعم المحتاج إليه وغيره، ونكتته الاهتمام بشأن المحتاج، والاعتناء بالتنبيه على كونه أورده في هذا النبذة المختصرة، ولا يجوز رفعه بالعطف على كتاب لاقتضائه أنه شيء زائد على الكتاب، مغاير له، وخارج عنه، وذلك مما لا معنى له في هذا المقام. «ويحتاج» بالبناء للمفعول أي يقصد ويفتقر، ونائب فاعله الجار والمجرور، وضميره عائد إلى ما، ويجوز كون ما موصوفة، والجملة صفتها، أي في شيء يحتاج إليه، ويكون فيه إشارة إلى قلة ما ذكره من الغريب، لأنه لا تفي به الأسفار فضلًا عن هذه النبذة وكونها موصولة أظهر في بادئ الرأي، والله أعلم. ويحتاج مضارع احتاج، افتعل من الحاجة وهي الفقر، أو أخص منه، وتطلق على ما يتوقف عليه أمر الإنسان، ولشهرتها وكون معرفتها من الضروريات قال المجد كالجوهري وغيرهما: الحاجة معروفة كالحوجاء، والجمع حاج، وحاجات، وحوج، وحوائج، على غير قياس، أو مولدة
1 / 83