93

وأما كل صفة أو مصدر بعد أما بشرط أن لا يكون بعدها ما تعمل فيه مثل: أما سمينا فسمين وأما علما فلا علم له وأما علما فما أعلمه به. فأما قولهم: فأما سمينا فسمين، فانتصب بفعل مضمر إذ لا يخلو أن يكون الناصب ما في «أما» من معنى الفعل أو سمينا.m باطل أن يكون سمينا لأن سمينا اسم فاعل ليس بجار فلا يتقدم معموله عليه فلم يبق ما يعمل فيه إلا ما في (أما) من معنى الفعل. ولا يخلو أنه ينتصب على أنه مفعول من أجله أو مصدر في موضع الحال أو مصدر مؤكد لما في أما من معنى الفعل لأنه مناقض، وذلك أن الحروف المراد بها الاختصار، ألا ترى أنك إذا قلت: ما قام زيد، فإنه اختصار لقولك: أنفي قيام زيد، والمراد بالتأكيد الطول في الكلام فيناقض التأكيد لما وضعت عليه الحروف من الاختصار فلم يبق إلا أن يكون منصوبا على أنه مصدر في موضع الحال في لغة أهل الحجاز.

ولذلك إذا دخلت الألف واللام رفعوه فيقولون: أما السمن فسمين. أو مفعولا من أجله في لغة بني تميم.

وكذلك إذا عرفوه بالألف واللام بقي على نصبه فيقولون: أما السمن فسمين وأما العلم فما أعلمه به، فلم نقل إنه انتصب بما بعده لأن ما بعده مصدر وصلة المصدر لا تتقدم عليه. وأيضا فإن ما بعد لا يتقدم عليها.

فإن قيل: فكيف جاء الشرط مع جوابه غير مرتبط في المعنى؟ ألا ترى أنك إذا قلت: أما سمينا فسمين، تقديره: مهما يكن سمينا فهو سمين. فظاهر أنه لا يكون سمينا إلا في حال ذكره سمينا. فالجواب: إن الشرط قد يجيء غير مرتبط مع جوابه في المعنى في مجرد اللفظ مثل قولك:

من يك ذا بت فهذا بتي

مقيظ مصيف مشتي

ألا ترى أنه يكون مقيظا مصيفا مشتيا كان لغيره بت أو لم يكن، ولم يظهر الفعل لنيابة أما منابه.

पृष्ठ 93