334

शरह जुमल ज़ज्जाजी

شرح جمل الزجاجي

शैलियों

ولا يمكن أن يكون منذ فعلا. والدليل على أنهما إذا انجر ما بعدهما حرفان ما استدل به الأخفش من أنهما لو كانا اسمين ظرفين لثبات الاسمية لهما إذا ارتفع ما بعدهما لوجب إذا نفي الفعل أو أوجب أن ينفى عنهما خاصة لأن الظرف لا ينفي الفعل عن غيره إذا نفي في نفسه. ألا ترى أنك إذا قلت: قمت يوم الجمعة، فالقيام في يوم الجمعة، وإذا قلت: ما قمت يوم الجمعة، فإنما انتفى القيام عن يوم الجمعة خاصة فينبغي أن يكون الأمر في مذ ومنذ على هذا التحديد.

وأنت تقول: ما رأيته مذ يوم الجمعة، فالرؤية منتفية عن يوم الجمعة وعما بعد إلى زمن الإخبار. فدل ذلك على أنها ليست بظرف وأنها حرف وانتفى الفعل عما بعدها، وكذلك حال الحروف. ألا ترى أنه يقول: ما رأيته من الكوفة وما رأيته من البصرة، فانتفت الرؤية عن الكوفة وما بعدها وعن البصرة وما بعدها. وكذلك: ما سرت من بغداد، فنفى السير من بغداد إلى المكان الذي أنت فيه إلى زمن الإخبار.

فثبت أنهما إذا ارتفع ما بعدهما اسمان، وإذا انجر ما بعدهما حرفان. إلا أن الغالب على مذ الاسمية والغالب على منذ الحرفية.

وإنما كان الغالب على مذ أن تكون اسما لأنها محذوفة من منذ، والحذف تصرف والتصرف بابه الأسماء لا الحروف.

وكيفية غلبة الاسمية على هذه والحرفية على هذه أن مذ ومنذ لا يدخلان إلا على الزمان ولا يدخلان منه على مستقبل لما يبين بعد إن شاء الله تعالى. وإنما يدخلان منه على الحال والماضي، فالحال أبدا يكون بعدها مخفوضا.

والحال «الآن» وما في معناها كالساعة والحين واليوم والليلة وكل اسم زمان أضفته إلى نفسك قرب أو بعد نحو يومنا وشهرنا وعامنا، وكل اسم أشرت إليه نحو هذا العام وهذا الشهر وهذه الأيام الثلاثة، لأنك لم تشر إليه إلا وأنت قد قدرته حاضرا ولم تضفه إلى نفسك إلا على هذا المعنى. فهذا هو الحال.

पृष्ठ 110