शरह जुमल ज़ज्जाजी
شرح جمل الزجاجي
शैलियों
وما الدهر إلا منجنونا بأهله
وما صاحب الحاجات إلا معذبا
فأعمل «ما» مع دخول حرف الإيجاب وهو إلا على الخبر فيتخرج على وجهين، أحدهما: أن يكون منجنونا اسما موضوعا موضع المصدر الموضوع موضع الفعل الموضوع موضع خبر ما ويكون تقديره: وما الدهر إلا يجن جنونا بأهله، ثم حذف يجن الذي هو خبر ما وأقام المصدر مقامه الذي هو جنون فبقي: وما الدهر إلا جنون، كما تقول: ما أنت إلا شربا، تريد: تشرب شربا. هذا في موضع الكثرة مقيس، ثم أوقع منجنونا موقع جنون.
والآخر أن يكون منجنونا اسما في موضع الحال ويكون خبر ما محذوفا تقديره: وما الدهر إلا موجودا على هذه الصفة، أي مثل المنجنون وهو السانية، يريد أنه لا يستقر على حالة واحدة.
وأما قوله: وما صاحب الحاجات إلا معذبا، فمعذبا مصدر تقديره إلا يعذب معذبا، أي تعذيبا، وذلك أن كل اسم مفعول من فعل زائد على ثلاثة أحرف فإنه يكون للمفعول والمصدر والزمان على صيغة واحدة. وأما قوله:
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر
فنصب «مثل» مع تقديم الخبر على الاسم وليس بظرف ولا مجرور ففيه سبعة أقوال للنحويين، فمنهم من جعله شاذا، وهو مذهب سيبويه رحمه الله ومنهم من قال: البيت للفرزدق فاستعمل لغة غيره فغلط لأنه قاس النصب مع التقديم على النصب مع التأخير، وهذا باطل لأن العربي إذا جاز له القياس على لغة غيره جاز له القياس في لغته، فيؤدي ذلك إلى فساد لغته.
ومنهم من قال: إنما نصبه ضرورة لئلا يختلط المدح بالذم، لأنك إذا قلت: ما مثلك أحدا، نفيت عنه الأحدية فاحتمل أن يكون مدحا وذما، فإذا نصبت مثلك ورفعت أحدا كان الكلام مدحا، فلذلك نصب مثلهم في البيت.
وهذا باطل، لأن ما قبله وما بعده يدل على أنه قصد المدح.
पृष्ठ 58