190

وإن كان في اسم الجنس علامة تأنيث لم يجز إدخال التاء إذا أردت الواحدة لأنه لا يجمع بين علامتي تأنيث، بل قد يكون الفارق بين الواحدة وبين الجنس الوصف. وذلك نحو شكاعى وشقارى وحلفاء وطرفاء، تقول: هذه شكاعى كثير، إذا عنيت الجمع، وهذه شكاعى واحدة إذا عنيت الواحدة وكذلك تفعل بسائر الباب.

فأما ما حكاه أبو بكر بن دريد: شقارى وشقارة، في الواحدة ولصيقى ولصيقات فلا ينبغي أن يعول عليه، لأن أهل الضبط كسيبويه والخليل وأبي زيد وأعلام النحويين لا يعرفونه، فإن صح فينبغي أن تقدر الألف زائدة لغير تأنيث.

باب ما يجوز للشاعر أن يستعمله في ضرورة الشعر اختلف النحويون في الضرائر الجائزة في الشعر. فمنهم من جعل الضرورة أن يجوز للشاعر ما لا يجوز في الكلام بشرط أن يضطر إلى ذلك ولا يجد منه بدا، وأن يكون في ذلك رد فرع إلى أصل أو تشبيه غير جائز بجائز. فهؤلاء لا يجيزون للشاعر في شعره ما لا يجوز في الكلام إلا بشرط أن يضطر إلى ذلك. وهذا هو الظاهر من كلام سيبويه. وقد صرح به في أول باب من أبواب الاشتغال.

ومنهم من لم يشترط في الضرورة أن يضطر الشاعر إلى ذلك في شعره بل جوزوا له في الشعر ما لم يجز له في الكلام، لكون الشعر موضعا قد ألفت فيه الضرائر، وإلى هذا ذهب ابن جني ومن أخذ بمذهبه. واستدل صاحب هذا المذهب بقول الشاعر:

فلا مزنة ودقت ودقها

ولا أرض أبقل إبقالها

ألا ترى أنه حذف التاء من أبقلت وقد كان يمكنه أن يثبت التاء وينقل حركة الهمزة فيقول: أبقلت ابقالها.

واستدل أيضا بقول الآخر:

رب ابن عم لسليمى مشمعل

طباخ ساعات الكرى زاد الكسل

ففصل بين طباخ وبين ما أضيف إليه وهو زاد الكسل، وقد كان يمكنه أن لا يفصل بين المضاف والمضاف إليه بل يجعل طباخ مضافا إلى ساعات وينصب زاد الكسل بطباخ.

पृष्ठ 190