127

وإذا جرى القول مجرى الظن في اللفظ فهل يجري مجراه في المعنى؟ مسألة خلافية بين النحويين. والصحيح أنه يجري مجرى القول لفظا ومعنى، بدليل قوله:

إذا قلت أني آيب أهل بلدة

نزعت بها عنه الولية بالهجر

ألا ترى أن المعنى إذا ظننت أو قدرت. ولذلك فتحت همزة أني.

وقد يحكى بعد القول مضمرا ومنه قوله تعالى: {والذين اتخذوا من دونه أوليآء ما نعبدهم} (الزمر: 3). أي يقولون: ما نعبدهم. وكذلك قوله تعالى: {والملئكة يدخلون عليهم من كل باب}{سلم عليكم} (الرعد: 23، 24). أي يقولون: سلام عليكم.

ويجري مجرى القول فتحكي بعده الجمل «رأيت وسمعت» وكل فعل معناه القول نحو دعوت وقرأت وناديت، ومنه قوله تعالى: {فدعا ربه أنى مغلوب} (القمر: 10). بكسء إن، وكذلك تقول: قرأت بالحمد لله رب العالمين، ومنه قول الشاعر:

تنادوا بالرحيل غدا

وفي ترحالهم نفسي

ومنه البيت الذي أنشده أبو القاسم لذي الرمة:

سمعت الناس ينتجعون غيثا

..البيت

باب حكاية الأسماء الأعلام بمن

حكاية الاسم المفرد لا تكون في كلام العرب إلا بمن بشرط أن يكون علما أو لقبا أو كنية.

وسبب ذلك ثلاثة أشياء: أحدها: أن من اسم مبني لا يظهر فيه قبح الحكاية إذ ليست من في اللفظ بالمبتدأ من حيث لم يظهر فيه الرفع فلا يصح أن يجيء الخبر على صورة المنصوب.

والثاني: أن الأسماء الأعلام بابها التغيير لأنها كلها منقولة إلا أسماء يسيرة فلذلك كثرت الشذوذات فيها إذ التغيير يأنس بالتغيير.

والثالث: الخوف من اللبس، وذلك أنه إذا قال إنسان: قام زيد، ولم يحك لفظه في الاستثبات وقلت: من زيد، لتوهم السامع أنك لا تسأله عن زيد الذي ذكره. فلما اجتمعت هذه الأشياء لم يكن بد من الحكاية عند أهل الحجاز.

पृष्ठ 127