शरह हदीस नुज़ूल
شرح حديث النزول
प्रकाशक
المكتب الإسلامي،بيروت
संस्करण संख्या
الخامسة
प्रकाशन वर्ष
١٣٩٧هـ/١٩٧٧م
प्रकाशक स्थान
لبنان
فهذا أصل قول هؤلاء النفاة، وهومبني على أصلين: سمعي لغوي، ونظري عقلي فطري.
أما السمعي اللغوي فقولهم: إن أهل اللغة يطلقون لفظ الجسم على المركب واستدلوا عليه بقوله: هو أجسم إذا كان أغلظ وأكثر ذهابًا في الجهات، وأن هذا يقتضى أنهم اعتبروا كثرة الأجزاء.
فيقال: أما المقدمة الأولى وهو: إن أهل اللغة يسمون كل ما كان له مقدار بحيث يكون أكبر من غيره أو أصغر جسمًا، فهذا لا يوجد في لغة العرب البتة، ولا يمكن أحد أن ينقل عنهم أنهم يسمون الهواء الذي بين السماء والأرض جسمًا، ولا يسمون روح الإنسان جسمًا، بل من المشهور أنهم يفرقون بين الجسم والروح؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ﴾ [المنافقون: ٤] يعني أبدانهم دون أرواحهم الباطنة.
وقد ذكر نقلة اللغة: أن الجسم عندهم هو الجسد. ومن المعروف في اللغة أن هذا اللفظ يتضمن الغلظ والكثافة، فلا يسمون الأشياء القائمة بنفسها إذا كانت لطيفة كالهواء وروح الإنسان، وإن كان لذلك مقدار يكون به بعضه أكبر من بعض، لكن لا يسمى في اللغة ذلك جسمًا، ولا يقولون في زيادة أحدهما على الآخر: هذا أجسم من هذا، ولا يقولون: هذا المكان الواسع أجسم من هذا المكان الضيق، وإن كان أكبر منه، وإن كانت أجزاؤه زائدة على أجزائه عند من يقول بأنه مركب من الأجزاء.
فليس كل ما هو مركب عندهم من الأجزاء يسمى جسمًا ولا يوجد في الكلام قبض جسمه، ولا صعد بجسمه إلى السماء، ولا أن الله يقبض أجسامنا حيث يشاء، ويردها حيث شاء، إنما يسمون ذلك روحًا، ويفرقون بين مسمى الروح ومسمى الجسم كما يفرقون بين البدن والروح، وكما يفرقون بين الجسد والروح، فلا يطلقون لفظ الجسم على الهواء، فلفظ الجسم عندهم يشبه لفظ الجسد، قال الجوهري: الجسد البدن، تقول فيه: تجسد كما تقول في الجسم: تجسم، كما تقدم نقله عن أئمة اللغة أن الجسم هو الجسد.
1 / 71