قَالَ حَمْزَة بن يُوسُف السَّهْمِي: " قلت لأبي بكر بن عَبْدَانِ: أيش الْفرق بَين الدِّرَايَة وَالْحِفْظ؟ فَقَالَ: الدِّرَايَة فَوق الْحِفْظ ".
قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: سَمِعت أَبَا عَليّ الْحُسَيْن بن عَليّ الْحَافِظ يَقُول: " لم يكن فِي أَقْرَان أبي مُحَمَّد بن صاعد فِي فهمه وَكَانَ أحفظ مِنْهُ، أَي وَكَانَ يُوجد من هُوَ أحفظ مِنْهُ، قَالَ: والفهم عندنَا أجل من الْحِفْظ ".
قلت:
فانظروا إِلَى كَلَام هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة الْحفاظ حَقًا كَيفَ كَانَ الْأَمر فِي نظرهم على مَا ذكرنَا، وَإِن كَانَ هَذَا مِمَّا لَا يخفى على عَالم إِلَّا أَنِّي أحب أَن اسْتدلَّ على كل طَائِفَة بِكَلَام أئمتها لتَكون الْحجَّة عَلَيْهِم أبلغ، وَلِأَن ذَلِك أقرب إِلَى تحريكهم إِلَى سلوك طريقهم.
ثمَّ اعْلَم أَن كل مَا جَاءَ عَن السّلف ﵃ من الثَّنَاء على أهل الحَدِيث ووصفهم ومدح علمهمْ إِنَّمَا كَانَ بِاعْتِبَار مَا ذَكرْنَاهُ من حفظ متونه والتفقه فِيهَا وتمييز صَحِيحه من سقيمه، والتمسك بِهِ علما وَعَملا، وَإِن كَانُوا متفاوتين فِي ذَلِك، فبعضهم برز فِي الْحِفْظ، وَبَعْضهمْ فِي
1 / 50