शरह फुसूल अबूक्रत
شرح فصول أبقراط
शैलियों
في صلة هذا بما قبله: وذلك من وجهين: أحدهما أنه لما بين أن لأوقات السنة تأثيرا في الأبدان بحسب * استعدادها (170) نقل هذا الحكم إلى ما هو أخص من ذلك وذكره في يوم واحد وهو أنه متى كان هواء اليوم مشابها لهواء * الفصل (171) فإنه يحدث ما يحدثه ذلك الفصل إن وجد البدن مستعدا لذلك * الأمر (172) . وثانيهما أنه لما بين أن لأوقات السنة تأثيرا في الأبدان بحسب استعدادها قال في هذا الفصل إن ذلك ليس لأنها أوقات بل لما تشتمل عليه من الكيفيات ولذلك صار أي يوم من الأيام شابهه * فصل (173) من الفصول في كيفياته ولد أمراضه، ويدل على ذلك الاستقراء. وقد مثل على ذلك باليوم الواحد المشابه للخريف.
البحث الثاني
في أنه لم مثل على ذلك باليوم المشابه للخريف ولم لا مثل على ذلك باليوم المشابه لأي فصل كان وهو أن يقول متى كان في أي وقت من أوقات السنة يوم مشابه لأي فصل * كان (174) في مزاجه أحدث ما يحدثه ذلك الفصل: نقول الجواب عن ذلك من * وجهين (175) : أحدهما أن أقوى الكيفيات في إيجاب الأمراض الحرارة والبرودة، * والخريف (176) لما كان حاله كذلك ذكر * المثال (177) به وإنما قلنا إن هذا النوع من التغير يظهر في الخريف، وذلك لأن هواءه متخلخل بسبب حرارة الصيف * المتقدمة (178) عليه والمتخلخل قابل لما يرد عليه من التأثيرات فعند ما تظهر الشمس على الأفق وينعكس الشعاع منها على الأرض يسخن * الهواء (179) ، وهو * قابل (180) لذلك فتشتد السخونة وعند غيبتها تزول السخونة ويؤثر فيه برد الأرض والماء، وهو في نفسه قابل * لذلك (181) فيشتد برده، ولذلك صار نهاره قوي الحر وغدواته ولياليه باردة جدا. ويدل على صحة ذلك أنا * لو (182) أخذنا ما بين متساويين في قوة البرد وكنا قد أغلينا أحدهما وعرضنا هما للجمود كان جمود المغلاء أسرع من جمود الذي لم * يغل (183) . فإن قيل فلم لا يظهر هذا الاختلاف في هواء الصيف فإنه لطيف PageVW5P133B أيضا متخلخل، فنقول لطافة هواء الخريف أبلغ من لطافة هواء الصيف وذلك لدوام تأثير حرارة الشمس فيه. فإن قيل إن قرب الشمس من رؤوسنا في زمان الخريف كقربها من رؤوسنا في زمان * الربيع (184) على ما ثبت في غير هذا العلم وإذا كان كذلك فيكون السبب الفاعل لحر نهار الخريف وبرد ليلة هو بعينه حاصل في الربيع وعند ذلك يقول القائل * فلم (185) لا يحصل هذا * القدر (186) في الربيع كما * يحصل (187) في الخريف؟ فنقول الجواب عن هذا أن وجود الأثر ليس هو موقوفا على وجود الفاعل فقط بل وعلى وجود القابل فالفاعل للاختلاف المذكور وإن كان حاصلا في الربيع لكن القابل فيه معدوم وهو لطافة جوهر الهواء ورقته، فإن هواءه غليظ بسبب برد الشتاء * المتقدم (188) ورطوبته ولم يحصل بعد من قوة الحر ما يزيل ذلك ويوجبه له شدة استعدادة لما ذكرنا. وثانيهما أن الخريف أردأ الفصول وأقواها * في (189) إيجاب الأمراض، ولما كان حاله كذلك ضرب المثال به في التغير اليومي فإن التغير القصير المدة لا يقوى على إيجاب ما يوجبه إلا إذا كان قويا جدا فإنه قد ثبت أن قوة الأثر * إما (190) لقوة المؤثر * أو (191) لدوام تأثيره فالتغير اليومي ظهور الأثر عنه ليس له علة سوى قوة المؤثر. وإنما قلنا إن الخريف أردأ الفصول وذلك لوجوه سبعة: أحدها لاختلاف الهواء فيه وتردد الناس فيه من حر مفرط إلى برد على ما عرفت، ولا شك أن ذلك مما يضعف القوى البدنية والحرارة الغريزية. وثانيها كثرة الفواكة المستعملة فيه التي هي أقوى * سببا (192) في إيجاب العفن. وثالثها رداءة الأخلاط فيه وفسادها لغلبة الاحتراق عليها. ورابعها * حصوله (193) الصيف المحلل للقوى وللحرارة الغريزية. وخامسها تحير الطبيعة فيه في فعلها فإنها عند ما تروم تحليل المادة عند قوة الحر بمانعها البرد الحاصل في لياليه وغدواته. وسادسها ميل مزاجه إلى اليبس الذي هو مضاد * للحيوة (194) ومناسب للموت. وسابعها قلة الدم فيه الذي هو أشرف الأخلاط وبه اغتذاء الأعضاء والزيادة في النمو وصار حاله كذلك مع الدم، وذلك لوجوه ثلاثة: أحدها أن مزاجه مناف لتوليد الدم؛ وثانيها * أن (195) الخلط المذكور توليده من جودة الهضم * والهضم (196) في هذا الفصل ضعيف لتوارد الحر فيه عقيب البرد؛ وثالثها مواد هذا الفصل بتحلل لطيفها بسبب * حرارة (197) الصيف ونقي كثيفها بسبب برد الهواء الحاصل فيه. إذا عرفت هذا فنقول وباقي الفصول إذا اعتبرنا * حالها (198) لم نجد هذه الأسباب مجتمعة فيه فلذلك كان أردأ الفصول.
البحث الثالث
قوله «في يوم واحد»: وذلك لأن التغير إلى جانب PageVW1P075A الحرارة والبرودة قد يكون في أيام متعددة بمعنى أن تكون أيام حارة ثم يأتي بعدها أيام باردة. ومثل PageVW5P134A هذا النوع من التغير لا يحدث ما ذكره أبقراط * من (199) الأمراض الخريفية بل الأيام الحارة تحدث الأمراض الحارة في المستعدين لها والأيام * الباردة (200) تحدث الأمراض الباردة في المستعدين لها، فلذلك اشترط أن يكون التغير المذكور في يوم واحد. ومراده بالحر والبرد الحادثين أن يكونا أكثر من المعهود في جميع الأيام فإن * كل (201) يوم طرفاه باردان ووسطه حار لكن لما كان ذلك * مكررا (202) أو مستمرا كان مألوفا للأبدان فلا ينفعل عنه بحيث أنه يحدث مرضا.
البحث الرابع:
التغير الحاصل في فصل من فصول السنة إن لم يستمر في جملة الفصل أو في أكثره بحيث أن ينفعل عنه الأبدان، وإلا * لم (203) يوجب هذه الأمراض. وهذا هو معنى قوله «متى كان في أي وقت من أوقات * السنة (204) » أي في جملة الفصل، وإلا فمتى * فهم (205) من ذلك أن التغير المذكور يكون في يوم واحد * فقط (206) فإنه لا يقوى على إيجاب مرض من الأمراض البتة لقصر زمان التأثير إلا أن يكون عظيما جدا.
البحث الخامس
لقائل أن يقول تشبيه أبقراط الخريف بالوقت المختلف في الحر والبرد ليس بصحيح، وذلك لأن الخريف على * المذهب (207) الحق معتدل بين الحرارة والبرودة مائل إلى جهة اليبوسة، وإذا كان كذلك فكيف يصح تشبيهه بما ذكره؟: فإن قيل فمن أين يعلم أنه كذلك؟ فنقول: أما اعتداله بين الحر والبرد فهو أن بعد الشمس عن مسامتة الشمس رؤوسنا فيه كبعدها عن ذلك في زمان الربيع، وقد علم أن المسخن للهواء مسامتة الشمس لرؤوسنا والمبرد له بعدها عن ذلك، وإذا * كان (208) كذلك فيكون حكمه في الحر والبرد كحكمه في زمان الربيع. وأما ميله إلى اليبوسة فلأن الشمس قد * خففت (209) رطوبة الهواء ولم يحدث بعد من العلل المرطبة ما يقابل * تخفيف (210) العلل المخففة، ويجب أن يعلم أولا أن المراد بالرطوبة * هاهنا (211) اختلاط أجزاء * هوائية (212) بأجزاء * مائية (213) وباليبوسة انفشاش هذه عنها أو مخالطة أجزاء دخانية لها. * فإذا (214) عرفت هذا فنقول: لا شك أن الهواء في الصيف * خال (215) من مخالطة الأجزاء المائية، فلو حصل مثل هذا في الخريف. فأما أن يكون واردا عليه من خارج أو من داخل، فإن كان الأول فذلك إما بنزول مطر * وإما (216) بصعود بخار؛ وإن كان من * داخل (217) فذلك بأن ينقلب بعض أجزاء الهواء * ثم (218) ما يخالطه ويفيده الرطوبة لكن الخريف لم يحصل له شيء من ذلك فلا يكون رطبا بل مائلا إلى اليبوسة. أما الأول ففساده ظاهر وهو نزول المطر. وأما الثاني فإن البخار حصوله عن حرارة قوية في باطن الأرض وحر ضعيف في الجو. أما الأول فليقوي على * تبخير (219) ما هو هناك من الأجزاء القابلة للتبخير. وأما الثاني فلئلا يجمد ما يتصاعد من البخار إذا كان الحر ضعيفا جدا أو يحلله ويجعله هواء إذا كان قويا، وحال الأرض والجو في الخريف بضد ذلك. أما باطن الأرض * فهو (220) أبرد مما هو في زمان الشتاء، وذلك لتخلخل * مسامها (221) وتحليل الحرارة * فيها (222) ، فحرارة الهواء الخارجي. وأما الجو فإن الحرارة فيه PageVW5P134B بعد قوية جدا، وذلك لأن اتصال الضوء بالمضيء على هيئة مخروط أو على هيئة أسطوانة، ولكل واحد منها وسط ومحيط. ونحن في الصيف واقعون في الوسط أو قريبا منه فلذلك كان الحر فيه قويا جدا. وفي الربيع والخريف فيما بين الوسط والمحيط * فكان (223) الحر فيهما دون ذلك لتأثير المجاور المحيط. وفي الشتاء قريبون من المحيط فلذلك كان الحر * فيه (224) ضعيفا جدا، فالحاصل مما ذكرنا أن حرارة الجو في الخريف بعد قوية جدا، ومتى كانت كذلك حللت ما يتصاعد من باطن الأرض من البخار وجعلته هواء. وأما الثالث وهو القول بالانقلاب فهو باطل في حق الخريف. وذلك لأن البرد وإن كان هو المحيل للأجزاء الهوائية إلى الأجزاء المائية غير أن الفاعل لذلك هو البرد القوي لا الضعيف، وبرد الخريف ضعيف لا يقوى على ذلك لأنا فيه بعد * بين (225) الوسط والمحيط من المخروط المذكور أو * الأسطوانة (226) . فإن قيل هاهنا بحثان: أحدهما أن يقال لم لا انتقل الخريف إلى الرطوبة كما انتقل * إلى (227) البرودة؟؛ وثانيهما أن يقال إن الهواء الشتائي الرطب اعتدل بحرارة الربيع فلم لا اعتدل يبس الهواء الصيفي ببرودة الخريف الضعيفة؟ فنقول الجواب عن الأول * أن (228) الانتقال إلى البرودة أسهل منه إلى الرطبوة، وكيف لا والبرودة كيفية * فاعلية (229) والرطوبة كيفية انفعالية؛ والجواب عن الثاني أن الاستحالة إلى الجفاف أسهل منه إلى الرطوبة، وذلك لأن تأثير الحرارة في إفناء الرطوبات وتحليلها أسهل من تأثير البرودة في تحصيلها، وكيف لا وإعدام الشيء أسهل من إيجاده، وذلك لأن الأول يكفي * فيه (230) أمر واحد والثاني موقوف على اجتماع أمور، فلما كان حال * حرارة (231) * هواء (232) الربيع الحال الأول وحال برد الخريف الحال الثانية * لكان (233) نقل هواء الشتاء إلى الاعتدال في الرطوبة أسهل من نقل برد الخريف لهواء الصيف إلى الاعتدال من اليبوسة، فظهر مما ذكرنا أن الجو الضعيف إحداثه للتخفيف أسهل من إحداث البرد الضعيف للرطوبة، فثبت حينئذ بما ذكرنا اعتدال الخريف في الحرارة والبرد ومثله إلى * اليبوسة (234) . وإذا كان كذلك فيقول المعترض فكيف يصح تمثيله بالوقت المختلف فيه الحر والبرد؟ فنقول: لا شك أن طبيعة الخريف كذلك غير أن هواءه لما كان لطيفا جدا بسبب تأثير حر الصيف المتقدم فيه صار قابلا لما يرد عليه، فعندما تشرق الشمس على الأفق يسخن الهواء، ثم تشتد جدا عند توسطها، ثم تأخذ في الاعتدال عند ميلها، ثم في البرد عند غيبوبتها، ثم يشتد في الليل لعدم تأثيرها وتأثير برد الماء والأرض فيه. وكل هذا لشدة قبوله لتأثير الأمر الخارجي. * والله (235) أعلم.
5
अज्ञात पृष्ठ