الرحيم، ولهذا ورد فى الأدعية: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء. وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن لله تعالى مائة رحمة أنزل منها واحدة إلى الأرض فقسمها بين خلقه فبها يتعاطفون ويتراحمون وأخر تسعا وتسعين يرحم بها عباده يوم القيامة.
قال بعض المشايخ من أصحاب السلوك والمعرفة رضي الله تعالى عنه في أسرار الصلاة في تفسير سورة الفاتحة بعد ذكر هذا النبوي المقدم ذكره بهذه العبارة: فإطلاق الرحمن الرحيم لله تعالى باعتبار خلقه الرحمة الرحمانية والرحيمية باعتبار قيامها بها قيام صدور لا قيام حلول فالرحمة الرحمانية إفاضة الوجود المنبسط فى جميع المخلوقات، فإيجاده رحمانيته والموجودات رحمته والرحمة الرحيمية إفاضة الهداية والكمال بعباده المؤمنين في الدنيا ومنه بالجزاء والثواب في الآخرة. فإيجاده عام للبر والفاجر-إلى أن قال- فمن نظر إلى العالم من حيث قيامه بإيجاد الحق تعالى، فكأنه نظر إلى رحمانيته، وكأنه لم ير في الخارج إلا الرحمن ورحمته ومن نظر إليه باعتبار ايجاده فكأنه لم ينظر إلا إلى الرحمن. انتهى كلامه رفع فى الخلد مقامه.
أقول: إن أراد من الوجود المنبسط ما شاع بين أهل المعرفة وهو مقام المشيئة والإلهية المطلقة ومقام الولاية المحمدية إلى غير ذلك من الألقاب بحسب الأنظار فهو غير مناسب لمقام الرحمانية المذكورة فى بسم الله الرحمن الرحيم، فإنهما تابعان للإسم الله ومن تعيناته والظل المنبسط ظل الله لا ظل الرحمن، فإن حقيقته حقيقة الإنسان الكامل ورب الإنسان الكامل والكون الجامع هو الإسم الأعظم الإلهي وهو محيط بالرحمن الرحيم، ولهذا جعل في فاتحة الكتاب الإلهي أيضا تابعين. إن أراد منه مقام بسط الوجود فهو مناسب للمقام وموافق للتدوين والتكوين ولكنه مخالف لظاهر كلامه، وما ذكره أيضا صحيح باعتبار فناء المظهر فى الظاهر، فمقام الرحمانية هو مقام الإلهية بهذا النظر كما قال الله تعالى:{قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى}(الرحمن:110)، وقال تعالى {الرحمن علم القرآن خلق الإنسان}(الرحمن:1-3)، وقال تعالى {هو الله الذى لا اله إلا هو.. الرحمن الرحيم}(الحشر:22).
???
تذكرة:
اعلم أن تجليه تعالى بالتجلي الرحماني الذاتي فى عالم الأسماء والصفات وإن كان أبهى ***84]
पृष्ठ 84