शरह दीवान मुतनब्बी
شرح ديوان المتنبي
अन्वेषक
مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي
प्रकाशक
دار المعرفة
प्रकाशक स्थान
بيروت
(تمّ تَعْدِيل أرقام الأبيات من قبل أَحْمد)
٦٢
- ١ - الْإِعْرَاب قَوْله أَهلا بمضمر تَقْدِيره جعل الله أَهلا بِتِلْكَ الدَّار فَتكون مأهولة وَهُوَ فى الْحَقِيقَة دُعَاء لَهَا بالسقيا وَقَالَ ابْن القطاع قَالَ بَعضهم هُوَ نصب على مَذْهَب الِاسْتِفْهَام بإضمار الظَّن أى أتظن أَهلا بدار وَكَيف يظنّ ذَلِك وَهُوَ يَرَاهَا خَالِيَة قفارا وَإِنَّمَا نصب على مَذْهَب الدُّعَاء لِأَن عَادَة الشِّرَاء إِذا وقفُوا على ديار أحبابهم حيوها بِالسَّلَامِ ودعوا لَهَا بالسقيا وَرُجُوع الْأَهْل كَقَوْل امْرِئ الْقَيْس
(أَلا عِمْ صباحا أيُّها الطَّللُ البالى ...)
وكقول جرير
(سقَى الرّملَ جَوْنٌ مستهلُّ رَبَابُهُ ... وَمَا ذَاك إِلَّا حُبَّ من حَلَّ بالرملِ)
أى من أجل حب من حل بالرمل وَلكنه مَنْصُوب على مَذْهَب الدُّعَاء أى أعَاد الله أَهلا بدار وَأهل الله أَهلا بدر ثمَّ رَجَعَ إِلَى نَفسه فَقَالَ أبعد مَا بَان عَنْك خروها وَلم تزودك عِنْد رحيلك زادا تَدْعُو لَهَا انْتهى كَلَامه وَقَالَ من روى أبعد بِسُكُون الْبَاء فقد حكى مَاضِيَة لَهُ مَعهَا بقوله ظلت ويضمر حِينَئِذٍ عِنْد تَمام الْبَيْت قَائِلا أَو تَقول يَا حاديى وَتَكون الأبيات إِلَى قَوْله بانوا بخرعوبة حِكَايَة للْحَال وَمن روى أبعد بِفَتْح الْبَاء فَمَعْنَاه عشقتها لِكَثْرَة مَا سَمِعت من حسن وصفهَا وَلَا يحْتَاج إِلَى إِضْمَار وَهَذِه الْمُبَالغَة على هَذَا الْوَجْه وَإِن كَانَت بعيدَة فى الرُّجُوع قَالَ الواحدى وفى أبعد رِوَايَات والذى عَلَيْهِ الْأَكْثَر هُوَ الِاسْتِفْهَام وَفِيه ضَرْبَان من الْفساد أَحدهمَا فى اللَّفْظ وَهُوَ أَن تَمام الْكَلَام يكون فى الْبَيْت الذى بعده وَهُوَ عيب فى الشّعْر يُسمى المضمن والمبتور وَمثله
(لَا صلْحَ بيْنى فاعلَموه وَلَا ... بَيْنَكُمُ مَا حمَلتْ عاتقَى)
(سَيْفى وَمَا أنَّا بِنَجْدٍ وَمَا ... قرْقرَ قمر الوادِ بالشَّاهق)
والثانى فى الْمَعْنى وَهُوَ أَنه إِذا قَالَ أبعد فراقهم نهيم وتحزن كَانَ محالا من الْكَلَام وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة أبعد مابان أى أبعد شئ فارقك جوارى هَذِه الدَّار وروى قوم أبعد بِالنّصب على أَنه حَال من الأغيد وَالْعَامِل فى الْحَال سباك يُرِيد سباك أبعد مَا بَان عَنْك وَهَذَا من الْعجب أَن السبى يسئ وَهُوَ بعيد يُرِيد أَنه أسرك بحبه وَهُوَ على الْبعد مِنْك الْغَرِيب الأغيد الناعم وَجمعه غيد وَذكر اللَّفْظ على إِرَادَة الشَّخْص أَو الْإِنْسَان وَالْإِنْسَان يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى والخرد جمع خريدة وهى الْبكر الَّتِى لم تمس وَيُقَال فى جمعه خرد بِالتَّخْفِيفِ وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فى الغيد الْعتْق الْمَعْنى أَنه لما دَعَا للدَّار بالسقيا وَرُجُوع الْأَهْل إِلَيْهَا بَكَى وَقَالَ هَذِه الدَّار أبعد شئ فارقك وَبَان عَنْك جواريها الناعمات الْأَبْكَار
٢ - الْإِعْرَاب ظلت أَصله ظللت فَحذف إِحْدَى اللامين تَخْفِيفًا كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿فظلتم تفكهون﴾ ويدها ارْتَفَعت بنضيجة وهى اسْم فَاعل يعْمل عمل الْفِعْل كَمَا تَقول مَرَرْت بِامْرَأَة كَرِيمَة جاريتها وَيجوز أَن تكون النضيجة من صفة الكبد وترتفع الْيَد بِالِابْتِدَاءِ عِنْد الْبَصرِيين وَعِنْدنَا بِخَبَر الصّفة وَعند سعيد بن مسْعدَة بالاستقرار وَإِذا كَانَت نضيجة عاملة فى الْيَد كَانَ أبلغ الْغَرِيب الخلب قيل غشاء الكبد وَقيل غشاء الْقلب رَقِيق وَقيل الخلب مَا بَين الزِّيَادَة والكبد وَجعل الْيَد نضيجة وأضافها إِلَى الكبد لِأَنَّهَا دَامَ وَضعهَا على الكبد فأنضجتها بِمَا فِيهَا من الْحَرَارَة فَلهَذَا جَازَ إضافتها إِلَى الكبد وَالْعرب تسمى الشئ باسم غَيره إِذا طَالَتْ صحبته إِيَّاه كَمَا قَالُوا لفناء الدَّار الْعذرَة وَإِذا جَازَ تَسْمِيَته باسم مَا يَصْحَبهُ كَانَت بالإضافه أَهْون الْمَعْنى يَقُول وقفت بِتِلْكَ الدَّار وَاضِعا يدى على كبدى والمحزون يفعل ذَلِك كثيرا لما يجده فى كبده من حرارة الشوق والوجد حَتَّى يخَاف على كبده أَن تَنْشَق كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(عَشِيَّةَ أَثْنِى البُرْدَ ثُمَّ ألوثُهُ ... على كَبِدِى مِنْ خَشْيَةٍ أنْ تَقطَّعا»
وكبيت الحماسة قَول الصمَّة القشيرى
(وأذْكُرُ أيَّامَ الحِمَى ثُمّ أنْثَنى ... عَلى كَبِدِى مِنْ خَشْيَةٍ أنْ تَصَدَّعا)
وكقول الآخر
(لَمَّا رأوْهُمْ لَمْ يُحِسُّوا مُدْرِكا ... وَضَعُوا أنامِلَهُمْ عَلى الأكْبادِ)
قَالَ الواحدى وَقد ذكره أَبُو الطّيب بقوله
(فِيهِ أيْديكما على الظَّفَر الحُلْو ... وأيدى قومٍ على الأكْبادِ)
1 / 294