शरह दीवान मुतनब्बी
شرح ديوان المتنبي
अन्वेषक
مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي
प्रकाशक
دار المعرفة
प्रकाशक स्थान
بيروت
- ١ - الْغَرِيب المنى جمع منية والقرون الذوائب وَاحِدهَا قرن وَمِنْه قَول قيس
(وَهل مالَتْ عَلَيْك قُرون لَيْلى ... كمَيْلِ الأُقْحُوَانَةِ فى نداها ...)
الْمَعْنى يُرِيد أَنه كَانَ يتَمَنَّى الشيب قَدِيما ليخفى شبابه بابيضاض شعره لِأَنَّهُ أوقر وَأجل فى الْعين وسمى الْبيَاض بالشيب خضابا لإخفاء السوَاد بِهِ كَمَا أَن السوَاد الذى يخفى الْبيَاض يُسمى خضابا الْإِعْرَاب منى نكرَة وهى مُبْتَدأ وَقد يُفِيد الِابْتِدَاء بالنكرة إِذا أخْبرت عَنْهَا بجملة تَتَضَمَّن أَسمَاء معرفَة كَقَوْلِك امْرَأَة خاطبتنى وَكَذَلِكَ إِن أخْبرت بظرف مُضَاف إِلَى معرفَة كَقَوْلِك رجل خَلفك قَالَ الْهُذيْل بن مجاشع
(ونار الْقرى فوقَ اليَفاع ونارُهم ... مُخَبَّأةٌ نصب عَلَيْهَا وبرنس ...)
وَإِنَّمَا منع الِابْتِدَاء بالنكرة لِأَن النَّفس تنتبه بالمعرفة على طلب الْفَائِدَة وَإِذا كَانَ الْمخبر عَنهُ مَجْهُولا كَانَ الْمخبر حَقِيقا باطراح الإصغاء إِلَى خَبره لِأَنَّهُ لَا يعرف من أخبر عَنهُ وَشرط الْكَلَام إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ نكرَة أَن يتَضَمَّن الْخَبَر اسْما مُعَرفا أَو أَن يتَقَدَّم الْخَبَر كَقَوْلِك لزيد مَال لِأَن الْغَرَض فى كل خبر أَن يتَطَرَّق إِلَيْهِ بالمعرفة ويصدر الْكَلَام بهَا وَهَذَا مَوْجُود هَهُنَا لِأَنَّك وضعت زيدا مجرورا لِتُخْبِرَ عَنهُ بِأَن لَهُ مَالا قد اسْتَقر فقولك لزيد مَال فى تَقْدِير زيد ذُو مَال فالمبتدأ الذى هُوَ مَال هُوَ الْخَبَر فى الْحَقِيقَة ولزيد هُوَ الْمُبْتَدَأ فى الْمَعْنى وَقَوله
(كن لى مُفِيد ...)
لِأَن فى ضمن الْخَبَر ضمير الْمُتَكَلّم وَهُوَ أعرف المعارف وَلَو قَالَ منى كن لرجل لم يحصل بذلك فَائِدَة لخلوه من اسْم معرف وَقَوله إِن الْبيَاض يحْتَمل الرّفْع وَالنّصب فالرفع على إِضْمَار ابْتِدَاء كَأَنَّهُ قَالَ أحدثهن أَن الْبيَاض لِأَنَّهُ قد أخبر أَن ذَلِك أَيَّام شبيبته بقوله
(ليالى عِنْد الْبيض ...)
وَأما النصب فعلى إِضْمَار تمنيت لدلَالَة منى عَلَيْهِ كَمَا أَضمر نتبع فى قَوْله تَعَالَى ﴿قل بل مِلَّة إِبْرَاهِيم﴾ وَإِذا قيل إِن التمنى مِمَّا لم يثبت كالرجاء والطمع فَلَا يَقع على أَن الثَّقِيلَة لِأَنَّهَا للتحقيق فهى أشبه بِالْيَقِينِ وَإِنَّمَا يَقع التمنى وَمَا شاكله على أَن الْخَفِيفَة لِأَنَّهَا تخلص الْفِعْل للاستقبال فهى أشبه بالطمع والرجاء والتمنى من حَيْثُ تعلّقت هَذِه الْمعَانى بِمَا يتَوَقَّع وَمِنْه قَول لبيد
(تَمَنّى ابْنَتَاىَ أنْ يَعيش أبُوهما ... وهَلْ أَنا إِلَّا مِن رَبيعة أَو مُضَرْ)
قيل لَا يمْتَنع وُقُوع التمنى على أَن الثَّقِيلَة كَمَا لم يمْتَنع وُقُوع ﴿وددت﴾ عَلَيْهَا ووددت وتمنيت بِمَعْنى وَاحِد وفى التَّنْزِيل ﴿وتودون أَن غير ذَات الشَّوْكَة﴾ الْآيَة وَيجوز أَن يكون منى مَنْصُوبَة نصب الظروف وَالْجُمْلَة الَّتِى هى كن وَأَن وَاسْمهَا وخبرها نعت لَهَا فتتعلق أَن بِمَا قبلهَا كَأَنَّهُ قَالَ فى منى كن لى أى فى جملَة منى كَمَا قَالُوا أحقا أَنَّك ذَاهِب وأكبر ظنى أَنَّك مُقيم يُرِيدُونَ فى حق وفى أكبر وَإِذا أردْت معنى الظَّرْفِيَّة فى منى فلك فى أَن مذهبان فمذهب سِيبَوَيْهٍ والأخفش والكوفيين رفع أَن بالظرف وكل اسْم حدث يتقدمه ظرف يرْتَفع عِنْد سِيبَوَيْهٍ بالظرف ارْتِفَاع الْفَاعِل وَقد مثل ذَلِك بقوله
(غَدا الرحيل ... وَالْحق أَنَّك ذَاهِب)
قَالَ حملوه على فى حق أَنَّك ذَاهِب وَإِذا كَانَ هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَمن مَعَه فالمنية تقَارب الظَّن فَيحسن أَن تَقول أكبر مناى أَنَّك ذَاهِب فتنصب أكبر بِتَقْدِير فى وَأنْشد
(أحَقًّا بَنى أبْناء سَلْمى بن جَنْدل ... تَهدُّدُكم إيَّاىَ وَسْط المَحافِلِ)
وَالْمذهب الآخر مَذْهَب الْخَلِيل وَذَلِكَ أَنه يرفع أَسمَاء الْحَدث بِالِابْتِدَاءِ ويخبر عَنهُ بالظرف الْمُتَقَدّم حَكَاهُ عَنهُ سِيبَوَيْهٍ قَالَ وَزعم الْخَلِيل أَن التهدد هُنَا بِمَنْزِلَة الرحيل فى غَدا وَأَن بِمَنْزِلَتِهِ وموضعها كموضعه
1 / 188